السدس، وإذا شرط الله في حجبها من الثلث إلى السدس الجماعة من الأخوة علم أنّ الأخ الواحد لا يحجبها عن الثلث، فلها معه الثلث.
أما الأخوان فقد اختلف فيهما العلماء، أيكونان كالأخوة فهما يحجبان الأم من الثلث إلى السدس، أم يكونان كالأخ الواحد فلا يحجبانها! بالأول قال جمهور الصحابة والعلماء المجتهدين، وبالثاني قال ابن عباس، وحجته أنّ الله قال: إِخْوَةٌ والجمع خلاف التثنية، فمن يحجب من الإخوة الجمع لا الاثنان.
وقد أخرج ابن جرير «١» عن ابن عباس أنه دخل على عثمان رضي الله عنهم فقال: لم صار الأخوان يردّان الأم إلى السدس، وإنما قال الله: فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ والأخوان في لسان قومك وكلام قومك ليسا بإخوة؟ فقال عثمان رضي الله عنه: هل أستطيع نقض أمر كان قبلي، وتوارثه الناس، ومضى في الأمصار؟
وحجة الجمهور أن الإخوة تفيد معنى الجمعية المطلقة بغير كمية، والأخوان جمع واحد إلى واحد، وضمّ له، وقد ورد في اللغة إطلاق الجمع على الاثنين، قال الله تعالى: فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما [التحريم: ٤] وقال: وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ (٢١)[ص: ٢١] ثم قال: خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ [ص: ٢٢] وهذا سائغ إذا قام الدليل، والدليل أنهم لما رأوا الشارع جعل الأختين كالثلاث في الميراث، والبنتين كالثلاث، جعل الأخوين كالثلاثة في الحجب، ولا فرق في الإخوة بين أن يكونوا ذكورا أو إناثا، أو ذكورا وإناثا، والذكر من الأخوة كالأنثى في هذا الباب.
وقد علمنا مما تقدم أن للأم الثلث، ولا يحجبها عنه إلى السدس إلا الفرع الوارث، أو اثنان فصاعدا من الإخوة أو الأخوات.
وأن للأب السدس مع الفرع الوارث، فإن كان الفرع الوارث بنتا أخذت النصف، وورث الأب بالفرض والتعصيب.
[مسألة العمريتين]
١- ماتت امرأة وتركت زوجا وأبوين. لو ذهبنا نورّث الأم على حسب ما مضى كان لها الثلث، ومعلوم أنّ للزوج النصف، فيكون الباقي- وهو السدس- للأب، وحينئذ تأخذ الأم- وهي أنثى- ضعف الأب، وهو ذكر. وهذا لم يعهد في الفرائض، فإنه إذا اجتمع ذكر أو أنثى في طبقة كالابن والبنت، والجد والجدة والأب والأم، والأخ والأخت فإما أن يأخذ الذكر ضعف ما تأخذ الأنثى، أو يساويها، وإما أن تأخذ الأنثى ضعف الذكر، فهذا خلاف قاعدة الفرائض.
(١) في تفسيره جامع البيان، المشهور بتفسير الطبري (٤/ ١٨٨) .