قبل أن نتكلّم عن تفسير الآيات نقول: قد ورد القسم على هذا النحو في القرآن الكريم كثيرا، منه قوله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦) وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ (١٧)[الانشقاق: ١٦، ١٧] وفَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ (١٦)[التكوير: ١٥، ١٦] ولا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ (١)[القيامة: ١] وفَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (٣٨)[الحاقة: ٣٨] وفَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ [المعارج: ٤٠] ولا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (١)[البلد: ١] .
وقد جاء على غير هذه الصورة، أي من غير (لا) النافية، ومن غير الفعل (أقسم) . وقد جاء القسم على أنواع: إمّا قسم الله بنفسه موصوفا بالربوبية فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ [الذاريات: ٢٣] والقسم هنا على مضمون جملة خبرية فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣)[الحجر: ٩٢، ٩٣] .
وإمّا قسم بالذّات معنونة بلفظ الجلالة: وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ [الأنبياء: ٥٧] وتارة يكون القسم بأشياء من خلقه: (كالصافّات)(والطور)(والذاريات)(والنجم) و (مواقع النجوم) و (الشمس وضحاها) و (الفجر) و (البلد) و (القيامة) و (التين والزيتون) .
وتارة يكون القسم بالقرآن موسوما باسمه يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢)[يس: ١، ٢] ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١)[ص: ١] ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١)[ق: ١] أو موسوما باسم الكتاب حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢)[الزخرف: ١، ٢ والدخان: ١، ٢] .
ومهما يكن المقسم به فالمقسم عليه لا يعدو أن يكون من أصول الإيمان التي يجب على الخلق معرفتها، فهو تارة يكون قسما على التوحيد، كقوله تعالى: وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١) فَالزَّاجِراتِ زَجْراً (٢) فَالتَّالِياتِ ذِكْراً (٣) إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ (٤)[الصافات: ١- ٤] .
وتارة يكون قسما على أنّ القرآن حقّ، كقوله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) وقوله: حم (١)