للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يفعلون ذلك في الجاهلية لا يعطون الميراث إلا من قاتل، ويعطونه الأكبر فالأكبر.

هذا شأن الإسلام مع المرأة أخذ بضبعيها، وأناف بها على اليفاع. ورّثها بعد أن لم تكن ترث، وجعل لها نصيبا مفروضا على كره من الرجال، ولكن نبتت نابتة في هذا الزمان يقولون: إن الإسلام بخس المرأة حقها في الميراث، وجعلها على النصف من حظ الرجل، ويريدون تسوية المرأة بالرجل في الميراث.

ومن نظر وجد أنّ الشريعة عاملت المرأة بالرأفة، فهي حين أعطتها نصف حظ الرجل جعلت نفقتها ونفقة خدمها وأولادها على الرجل، وحين أعطت الرجل ضعف المرأة كلّفت الرجل بالنفقة على زوجته وأولادها، فنصيب الرجل يشركه فيه الكثير، ونصيبها لها خاصة، فأيّ برّ بالمرأة أعظم من هذا البر، وأيّ رفق بها أكثر من هذا الرفق، هذا إلى ما منحتها إياه من حق الميراث، وقد كانت محرومة هذا الحق.

[ميراث الأولاد]

يقول الله: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ أي يعهد إليكم في ميراث أولادكم، وهذا إجمال بيانه ما بعده لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ إلخ أي إذا مات الميت، وترك أولادا ذكورا وإناثا، فللذكر مثل حظ الأنثيين، فيكون حظّ الذّكر ضعف حظّ المرأة فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ أي وإن كان المتروكات نساء فوق اثنتين فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ يقول الله:

فإن ترك النساء ليس معهن ذكور، فإن كن ثلاثا فأكثر فلهن الثلثان، وإن كانت واحدة، أي وإن كانت المتروكة واحدة فلها النصف.

وقد ذكر الله حكم البنت إذا لم يكن معها أخ ذكر، وحكم البنات إذا انفردن أيضا، ولم يذكر الله حكم البنتين إذا انفردتا عن أخ ذكر، وقد اختلف العلماء في حكمهما، فألحقهما ابن عباس بالبنت الواحدة، وأعطاهما النصف، ووجهه أنّ الله تعالى قال: فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ فجعل الثلثين للنساء إذا كن فوق اثنتين، فلا نعطيهما إذا كانتا اثنتين.

وقال الجمهور: البنتان لاحقتان بالبنات، فلهما الثلثان كما لهن الثلثان، وهذا أولى لأمور:

أولها: قياس البنتين على الأختين، وقد قال الله فيهما: فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ، والبنات أقرب للميت من الأختين، فإذا كان للأختين الثلثان فأولى أن يكونا للبنتين.

ثانيهما: أن البنت تأخذ مع أخيها الثلث، فأولى أن تأخذه مع أختها، ويكون لهما الثلثان.

<<  <   >  >>