للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وضّحته كتب الفروع، إلى غير ذلك مما فرض الله للناس في شأن الأزواج والمملوكات، مما اقتضت الحكمة الإلهية أن يكون غير شأن النبي في النساء، وما علم الله أن فيه صلاح العباد في هذا الشأن أيضا.

لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ قيل متعلّق بأحللنا، وهو راجع إلى جميع ما ذكر.

والمعنى: أحللنا لك من آتيت أجورهنّ من النساء والمملوكات والأقارب والواهبة لندفع عنك الحرج الذي يلحقك فتتفرّغ لتبليغ الرسالة.

وقيل: هو متعلق بخالصة، أو بعاملها، أي خصصناك بنكاح من وهبت نفسها لك، لكيلا يكون عليك حرج، فلا تبحث عن مهر، ولا تسعى في تدبيره.

ويروي بعض المحققين أنه متعلق بمحذوف، أي بينا هذا البيان حتى تخرج من الحرج، ومما يظن الناس تأثيمك فيه، ومتى علموا أنّك تصدر في الذي تفعل عن وحي ربك اندفع الذي ظنوا، وكفيت الاعتراض والتأثيم.

وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً يغفر للناس ما لا يمكنهم التحرز عنه، رحيما بهم، يدفع عنهم الحرج والعنت.

[الأحكام]

أحلّ الله تعالى لنبيه توسعة عليه، وتيسيرا له في نشر الرسالة، صنوفا من النساء، صنفا يدفع له المهر، وصنفا يتمتع به بملك اليمين، وصنفا من أقاربه، وصنفا رابعا ينكحه دون مهر، بعد أن تهب المرأة نفسها للنبي صلّى الله عليه وسلّم ويتم القبول، وهذا خاصّ بالنبي صلّى الله عليه وسلّم يجوز له، ولا يجوز لأحد من المؤمنين.

ذلك هو محصول الآية الكريمة على ما رجّحه العلماء من جعل الخصوصية في نكاح الهبة، وإن اختلفوا في مرجح الخصوصية في هذا النكاح على ما يأتي بيانه.

وقد أراد الكرخي أن يأخذ من تسميته المهر أجرا في قوله تعالى: آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ حجة في عقد النكاح بلفظ الإجارة، ولم يتابعه سائر الحنفية في هذا الذي ذهب إليه. ولعلّ مستند الكرخي في هذا أنّ الله قد سمّى المهر أجرا، والأجر يجب بعقد يتحقّق بلفظ الإجارة، فيصح النكاح بلفظ الإجارة.

وليس هذا يصح مستندا، فالحنفية وهم الذين يقولون: إنّ العبرة في العقود للمعاني، يقولون: إنّ معنى الإجارة يتنافى مع عقد النكاح، إذ النكاح مبني على الإطلاق، والتوقيت يبطله، وعقد الإجارة مبني على التوقيت، حتى لو أطلق المتعاقدان العقد عن التوقيت كان مؤقتا، ويتجدد العقد ساعة فساعة، فكيف يصحّ جعل ما هو موضوع للتوقيت دالا على ما يبطله التوقيت.

<<  <   >  >>