قال الله تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤١)
هذه الآية بيّنت أن غنائم الحرب تخمّس، فيجعل خمس لله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، وأربعة الأخماس الباقية بينت السنة أنّها تقسّم على الجيش، للراجل سهم، وللفارس ثلاثة أسهم، أو سهمان على خلاف في الروايات.
وقد اختلف العلماء فيما هي الغنيمة والفيء. فقال بعضهم: الغنيمة ما أخذ عنوة من الكافرين في الحرب، والفيء ما أخذ عن صلح، وقال بعضهم: الغنيمة ما أخذ من مال منقول، والفيء الأرضون. وقال آخرون: الغنيمة والفيء بمعنى واحد، وزعموا أن هذه الآية ناسخة لآية الحشر، فإنّ آية الحشر [٧] جعلت الفيء كلّه لله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، وهذه الآية جعلت لهم الخمس فقط، فتكون هذه ناسخة لتلك، والظاهر أن الغنيمة والفيء مختلفان ولا نسخ.
وقد ذكرت الآية أنّ الخمس لستة:
أولها: الله عزّ وجلّ، وقد اختلف المفسرون فيه على قولين:
١- أن قوله: لِلَّهِ خُمُسَهُ مفتاح كلام لم يقصد به أنّ الخمس يقسم على ستة منها الله، فلله الدنيا والآخرة، بل يقسّم الخمس على خمسة للرسول ولذي القربى إلخ. ويكون الغرض من ذكر الله تعليمنا التبرك بذكره، وافتتاح الأمور باسمه.
أو يكون معناه أنّ الخمس مصروف في وجوه القرب إلى الله.
ثم بيّن تلك الوجوه فقال: للرسول ولذي القربى، فأجمل أولا، ثم فصّل.
فإن قيل: لو أراد ذلك لقال: فإنّ لله خمسه للرسول دون (واو) .
قيل: إن العرب قد تذكر الواو والمراد إلغاؤها، كما قال تعالى: فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) [الصافات: ١٠٣] والمراد فلما أسلما تله للجبين، لأنه جواب لما.
وكما قال الشاعر:
لي شيء يوافق بعض شيء ... وأحيانا، وباطله كثير
والمعنى يوافق بعض شيء أحيانا.
٢- إنّ المراد لبيت الله، فسهم الله يصرف في الكعبة نقل عن أبي العالية والظاهر القول الأول لإجماع الحجة عليه.
ثانيها: رسول الله، وقد ذكر بعضهم أنه افتتاح كلام كما قالوه في الله، والغنيمة تقسم على أربعة. وقال الأكثرون: إن الغنيمة تقسم على خمسة أولها سهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم يضعه حيث رأى.