الذي من أجله شرع ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ فإنّ شرع الحج وما فيه من مناسك ومنافع يقتضي حكمة وتدبيرا يستلزمان العلم بتفاضل الأشياء، وما ينطوي عليه من الأسرار، وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وذكر العامّ بعد الخاصّ ليكون الخاصّ كالدليل على العام.
قال الله تعالى: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (١٠٣)
(البحيرة) : فعيلة بمعنى مبحورة، أي مشقوقة، قال الزجاج: كان أهل الجاهلية إذا نتجت الناقة خمسة أبطن آخرها ذكر بحروا أذنيها، وشقوها، وامتنعوا من نحرها، ولا تطرد من ماء ولا مرعى، وقيل فيها غير ذلك.
و (السائبة) : فاعلة من سيبته فساب، إذا تركته فهو سائب، روي عن ابن عباس أنها التي تسيّب للأصنام، فتعطى للسدنة، وقيل غير ذلك.
و (الوصيلة) : قال الزجاج: هي الشاة إذا ولدت ذكرا كان لآلهتهم، وإذا ولدت أنثى كانت لهم، وإن ولدت ذكرا وأنثى قيل وصلت أخاها فلم يذبحوا الذكر لآلهتهم، وقيل غير ذلك.
و (الحامي) : قال أبو عبيدة والزجاج: إنه الفحل يضرب في مال صاحبه عشر سنين، وقيل غير ذلك.
والمعنى: ما شرع الله هذه الأشياء وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ حيث كانوا يفعلون ما يفعلون وينسبونه إلى شرع الله، وهم لا يعقلون أنّ ذلك افتراء على الله، وهو تنديد بهم لتعطيلهم العقل والنظر، إذ لو نظروا لعلموا أنّ هذه وثنية وشرك. والله لا يأمر بالكفر، ولا يرضاه لعباده.