للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ كذلك لم يدخل في قوله: إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ.

وقد رأوا أيضا أنّ الحرّ والعبد لا يتوارثان، لأن العبد لا يملك، وأن القاتل عمدا لا يرث من قتله، معاملة له بنقيض مقصوده.

٢- قد يترك الميت أصحاب فروض لا تستغرق فروضهم الميراث، ومعهم عاصب، كأن يترك بنتين وعمّا، فللبنتين الثلثان، ويبقى الثلث، ولم يبيّن في آيات المواريث لمن يكون الباقي، وقد بيّنت السنة حكم ذلك.

فقد ورد في «الصحيح» «١» أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقت فلأولى رجل ذكر»

ولأجل ذلك قدم الأقرب في العصبة على الأبعد، كالأخ الشقيق يقدم على الأخ لأب، وابن الأخ الشقيق يقدم على ابن الأخ لأب، ويقدم الأخ للأب على ابن الأخ الشقيق.

٣- قد يحدث أن يجتمع أصحاب فروض لا تستغرق فروضهم الميراث، وليس معهم عاصب، وقد اختلف العلماء في الباقي بعد أنصباء ذوي الفروض، فقال بعضهم: يردّ على ذوي الفروض بقدر حقوقهم.

وقال بعضهم: لا يرد عليهم، بل هو لبيت مال المسلمين، وعلى القول الأول عامة الصحابة. وبالثاني قال زيد بن ثابت، وبه أخذ عروة والزهري والشافعي، لكنّ المحققين من الشافعية قالوا: إذا لم ينتظم بيت المال يردّ على ذوي الفروض بنسبة فروضهم، وإلا كان لبيت المال.

والقائلون بالرد اختلفوا فيمن يردّ عليه، فالأكثرون على أنه يردّ على جميع ذوي الفروض إلا الزوجين، وهو مذهب الحنفية والشافعية.

وألحق ابن عباس بالزوجين الجدة في المنع، وقال عثمان رضي الله عنه: يرد على ذوي الفروض جميعا حتى الزوجين.

احتج من أبى الردّ بأن الله تعالى قدّر نصيب أصحاب الفرائض بالنص الظاهر، فلا يجوز أن يزاد عليه، لأن الزيادة تعدّ لحدود الله في الميراث، وقد قال الله تعالى: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ (١٤) .

وبأنّ الفاضل عن فروضهم مال لا مستحق له فيكون لبيت المال، كما إذا لم يترك وارثا أصلا، اعتبارا للبعض بالكل.

واحتج القائلون بالرد بقوله تعالى: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ [الأحزاب: ٦]


(١) رواه البخاري في الصحيح (٨/ ٦) ، ٨٥- كتاب الفرائض، ٥- باب ميراث الولد حديث رقم (٦٧٣٢) ، ومسلم في الصحيح (٣/ ١٢٣٣) ، ٢٣- كتاب الفرائض، ١- باب ألحقوا الفرائض بأهلها حديث رقم (٢/ ١٦١٥) .

<<  <   >  >>