للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرعون لما أدركه الغرق: آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١) [يونس: ٩٠، ٩١] وقال: حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها (١٠٠) [المؤمنون: ٩٩، ١٠٠] .

وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ عطف على الذين يعملون السيئات، وهذا يحتمل وجهين:

أحدهما: أن المراد بهم الذين قرب موتهم، فيكون بيّن بهذا أن الإيمان لا يقبل من الكافر عند حضور الموت.

والثاني: أن يكون المراد أنّ الكفار إذا ماتوا على الكفر لا تقبل توبتهم.

أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً، أَعْتَدْنا: أعددنا وهيأنا، والإشارة بأولئك إلى الفريقين.

قال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (١٩) كانت المرأة قبل الإسلام مهضومة الحقّ، يعتدى عليها بأنواع من الاعتداء، فكان ذلك من أنعم الشريعة الإسلامية على المرأة:

النعمة الأولى: كان الرجل في الجاهلية إذا مات وجاء ابنه أو بعض ورثته وألقى ثوبه على امرأته: كان أحقّ بها من نفسها، فإن شاء تزوجها، ولم يدفع لها مهرا، وإن شاء زوّجها من أحبّ، وأخذ مهرها، فكانوا يرثونها كما يرثون المال، كأنّهم يظنونها ملكا لمورّثهم بما أصدقها من صداق، فأنزل الله هذه الآية ناهيا عن تلك العادة الذميمة فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً فبين بذلك أنها ليست متاعا يورث.

روى ابن جرير «١» عن ابن عباس في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ قال: كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحقّ بامرأته، إن شاء بعضهم تزوّجها، وإن شاؤوا زوّجوها، وإن شاؤوا لم يزوّجوها، وهم أحقّ بها من أهلها، فنزلت هذه الآية.

وأخرج «٢» أيضا عن السدي قال: أما قوله: لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً فإن


(١) في تفسيره جامع البيان المشهور بتفسير الطبري (٤/ ٢٠٧) .
(٢) المرجع نفسه (٤/ ٢٠٨) .

<<  <   >  >>