للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعضل: الحبس والتضييق، وقرئ مبيّنة بالكسر والفتح فأما الكسر فقد أسند البيان إليها على المجاز. وأما الفتح فعلى معنى أنه بينها غيرها.

النعمة الثالثة: كان الرجال يسيئون عشرة النساء، فيغلظون لهنّ القول، ويضارّوهن، فقال الله تعالى: وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ قال الزجاج: هو النّصفة بالميت والنفقة، والإجمال في القول.

ولو عمل المسلمون بهذا الأمر لسعدت الأسر وشملتها السعادة، لأنّ أسباب شقاء الأسر ترجع إلى سوء العشرة، وافتئات الرجل على المرأة في حقوقها، كأن يخادن عليها، أو يهجرها إلى الخانات والرفقة، ويغلظ لها في القول، فيفسد ما بينهما، وتسوء أخلاق أولادهما من طول النزاع وسوء الأسوة.

عن ابن عمر أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «يا أيها الناس إنّ النساء عندكم عوان، أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن حقّ، ولهن عليكم حقّ، ومن حقّكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا، ولا يعصينكم في معروف، وإذا فعلن ذلك فلهنّ رزقهنّ وكسوتهن بالمعروف» «١» .

فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فلا تفارقوهن للكراهة وحدها فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً كأن يعطفكم عليهن، فيجعل منهنّ لكم زوجات رضيات، أو يرزقكم منهنّ بأولاد صالحين، فالضمير فيه يرجع إلى شَيْئاً.

قال الله تعالى: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (٢١) النعمة الرابعة: كان من ظلم الرجال للنساء أن الرجل إذا أراد طلاق امرأته استردّ ما دفعه من مهر، وربما توسّل إلى ذلك برميها بالفاحشة، أو تهديدها بذلك، فنهى الله عن ذلك في هاتين الآيتين، وجعله بهتانا وإثما مبينا، وأنكر عليهم أخذه، ووبّخهم على ذلك بعد أن أفضوا إليهن، وأخذن منهم ميثاقا غليظا.

وقد أخذ من هذه الآية جواز الإغلاء في المهور، لأنّ الله قال: وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً ومنع أن يأخذوا منه شيئا، والقنطار: المال الكثير الوزن، وإن كان النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه كانوا يقلّلونه.

وقد روي عن عمر أنه قال- وهو على المنبر- ألا لا تغالوا في صدقات النساء،


(١) رواه الطبري في تفسيره جامع البيان (٤/ ٢١٢) .

<<  <   >  >>