للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنّ الله حليم رحيم بالمؤمنين يحب الستر، وكان الناس ليس لبيوتهم ستور ولا حجال، فربما دخل الخادم أو الولد أو اليتيمة والرجل على أهله، فأمرهم الله تعالى بالاستئذان في تلك العورات، فجاءهم الله بالستور وبالخير فلم أر أحدا يعمل ذلك بعد.

وظاهر قوله تعالى: الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ أنّ الحكم خاص بالذكور من العبيد سواء أكانوا كبارا أم صغارا، وبهذا الظاهر قال ابن عمر ومجاهد.

والجمهور على أنه عام في الذكور والإناث من الأرقّاء الكبار منهم والصغار.

وعن ابن عباس أنه خاص بالصغار، وهو بعيد. وأبعد منه ما روي عن السلمي من تخصيصه بالإناث.

وقوله تعالى: وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ كناية عن أنهم قصروا عن درجة البلوغ، ولم يصلوا حدّ التكليف، فالكلام مستعمل في لازم معناه، لأنّ الاحتلام أقوى دلائل البلوغ، وسيأتي لذلك مزيد شرح عند تفسير قوله تعالى: وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ إن شاء الله.

والجمهور على أنّ المراد بالذين لم يبلغوا الحلم الصبيان من الذكور والإناث، سواء أكانوا أجانب أم محارم، إلا أنّ قوله تعالى: أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ يجعل اسم الموصول هنا خاصا بالمراهقين. كما أنّ وصفه بقوله تعالى: ومِنْكُمُ يجعله خاصا بالأحرار ويشعر بذلك أيضا ذكره في مقابلة الذين ملكت إيمانكم.

ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ الظهيرة وقت الظهر، وقل: شدة الحر عند انتصاف النهار.

وقد اختلف العلماء في إعراب ثَلاثَ مَرَّاتٍ تبعا لاختلافهم في المراد بها.

فالجمهور على أنّها منصوبة على الظرفية، للاستئذان، لأنّ المعنى: ليستأذنكم المذكورون في ثلاثة أوقات: قبل الفجر، ووقت الظهيرة، وبعد صلاة العشاء.

وقال أبو حيان: إنّها مفعول مطلق مبيّن للعدد، لأنّ المعنى: ليستأذنوكم ثلاث استئذانات كما هو الظاهر، فإنّك إذا قلت: ضربت ثلاث مرات لا يفهم منه إلا ثلاث ضربات، ويؤيده

قوله عليه الصلاة والسلام: «الاستئذان ثلاث»

وعليه يكون قوله تعالى: مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ إلخ ظرفا لثلاث مرات.

وقد يقال: إنّ رأي أبي حيان يقتضي أن يكون الاستئذان ثلاث مرات واقعا في كل وقت من الأوقات الثلاثة المذكورة بعده، وليس هذا بمراد، ولعلّ هذا هو الذي حمل الجمهور على العدول عن مقتضى ظاهر اللفظ إلى القول بأنه ظرف أبدل منه الأوقات الثلاثة إبدال مفصّل من مجمل. ولأبي حيان أن يقول: إنّ مجموع

<<  <   >  >>