للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فدخل بأهله، فصنعت أمّ سليم حيسا، فجعلته في تور، وقالت لي: يا أنس اذهب بهذا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقل: بعثت إليك بها أمي وهي تقرئك السلام، وتقول: إنّ هذا لك منا قليل يا رسول الله. قال: فذهبت بها إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: إنّ أمي تقرئك السلام، وتقول: إنّ هذا منا لك قليل يا رسول الله. فقال:

«ضعه» ، ثم قال: «اذهب فادع لي فلانا وفلانا، ومن لقيت» فسمّى رجالا. قال:

فدعوت من سمّى ومن لقيت، قال: قلت لأنس: عددكم كما كانوا؟ قال: زهاء ثلاثمائة، قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يا أنس هات التّور» قال: فدخلوا حتى امتلأت الصفّة والحجرة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ليتحلّق عشرة عشرة، وليأكل كلّ إنسان مما يليه» قال: فأكلوا حتى شبعوا، قال: فخرجت طائفة ودخلت طائفة حتى أكلوا كلهم قال: قال لي: يا أنس ارفع، قال: فرفعت فما أدري حين وضعت كان أكثر أم حين رفعت! قال: وجلس منهم طوائف يتحدثون في بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ورسول الله جالس، وزوجته مولية وجهها إلى الحائط، فثقلوا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسلّم على نسائه، ثم رجع. فلما رأوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد رجع ظنّوا أنّهم قد ثقلوا عليه، قال: فابتدروا الباب، فخرجوا كلّهم، وجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى أرخى الستر، ودخل، وأنا جالس في الحجرة، فلم يلبث إلا يسيرا حتى خرج عليّ، وأنزلت هذه الآيات، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقرأهن على الناس: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ إلى آخر الآية [٥٣] ،

قال أنس: أنا أحدث الناس عهدا بهذه الآيات، وحجبن نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم.

ورويت روايات كثيرة قال فيها أبو بكر بن العربي «١» : إنها ضعيفة كلّها ما عدا الذي ذكرنا، وما عدا الذي روي أنّ عمر قال: قلت يا رسول الله يدخل عليك البرّ والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب «٢» . وما دامت الروايات لم تصح فلنعرض عن ذكرها.

وهناك رواية أخرى في «الصحيح» «٣» أيضا تعيّن الزوجة، وذلك على نحو ما روى الإمام أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم عن أنس قال: لما تزوّج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زينب بنت جحش، دعا القوم، فطعموا، ثم جلسوا يتحدثون، وإذا هو كأنه يتهيأ للقيام فلم يقوموا، فلما رأى ذلك قام. فلما قام قام من قام وقعد ثلاثة نفر، فجاء


(١) انظر أحكام القرآن للإمام ابن العربي (٣/ ١٥٧٥) .
(٢) رواه البخاري في الصحيح (٦/ ٢٩) ، ٦٥- كتاب التفسير، باب لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا ...
حديث رقم (٤٧٩٠) . [.....]
(٣) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>