للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعد فقد اختار أبو حيان «١» في تأويل الآية الكريمة وجها غير الوجه الذي سلكه الجمهور، فجعل الأمر بإدناء الجلابيب موجها إلى النساء جميعا، سواء الحرائر والإماء، وجعل معنى قوله تعالى: ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ أنهنّ يعرفن بالعفة والتصون، فلا يتعرّض لهنّ، ولا يتلقين بما يكرهن، فإنّ المرأة إذا بالغت في التستر والتعفف لم يطمع فيها أهل السوء والفساد، وهو رأي تبدو عليه مخائل الجودة.

وفي «الطبقات الكبرى» أنّ أحمد بن عيسى من فقهاء الشافعية استنبط من هذه الآية- على رأي الجمهور في تأويلها- أنّ ما يفعله العلماء والسادات من تغيير لباسهم وعمائمهم أمر حسن، وإن لم يفعله السلف، لأن فيه تمييزا لهم، حتى يعرفوا، فيعمل بأقوالهم.

وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً فيغفر لمن امتثل أمره ما عسى أن يصدر منه من الإخلال بالتستر رَحِيماً بعباده، حيث راعى في مصالحهم أمثال هذه الجزئيات، وأرشدهم إلى هذه الآداب الحسنة الجميلة.


(١) في تفسيره البحر المحيط (٧/ ٢٥٠) .

<<  <   >  >>