للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقتل بني قريظة بعد نزولهم على حكم سعد بن معاذ، فحكم فيهم بالقتل وسبي الذرية. ومنّ على الزبير بن باطا من بينهم.

وفتح خيبر بعضها صلحا وبعضها عنوة، وشرط على ابن أبي الحقيق ألا يكتم شيئا، فلما ظهر على خيانته وكتمانه قتله «١» .

وفتح مكة، وأمر بقتل هلال بن خطل، ومقيس بن صبابة، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح وآخرين. وقال: «اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلّقين بأستار الكعبة» .

واختلف الفقهاء في فداء الأسير، فقال الحنفية جميعا: لا يفادى الأسير بالمال، ولا يباع السّبي لأهل الحرب، فيرجعون حربا علينا، وقال أبو حنيفة: لا يفادون بأسرى المسلمين أيضا، وقال أبو يوسف ومحمد: لا بأس أن يفادى أسرى المؤمنين بأسرى المشركين، وهو قول الثوري والأوزاعي.

ونقل المزني عن الشافعي: أن للإمام أن يمنّ على الرجال الذي ظهر عليهم، أو يفادي بهم.

أما المجيزون للفداء بأسرى المسلمين وبالمال، فيستدلّون بقوله تعالى: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً فقد أجازت الآية الكريمة الفداء مطلقا غير مقيّد، وبأن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فادى أسرى بدر بالمال.

ويحتجون للفداء بأسرى المسلمين بما

روى ابن المبارك عن معمر عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين: قال أسرت ثقيف رجلين من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأسر أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم رجلا من بني عامر بن صعصعة، فمرّ به على النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال الأسير: علام أحبس؟ فقال: «بجريرة حلفائك» فقال: «إني مسلم» فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لو قلتها وأنت تملك أمرك لأفلحت كلّ الفلاح» . ثم مضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فناداه أيضا، فأقبل، فقال: إني جائع فأطعمني، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «نعم هذه حاجتك» ثم فداه بالرجلين اللذين كانت ثقيف أسرتهما «٢» .

وروي أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم فدى رجلين من المسلمين برجل من المشركين

، ولم يذكر في هذه الرواية إسلام الأسير.

والذين يقولون بعدم الجواز يقولون: إنّ هذه الآية نسختها آية فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ [التوبة: ٥]


(١) رواه أبو داود في السنن (٣/ ٩٢) ، كتاب الخراج، باب ما جاء في حكم أرض خيبر حديث رقم (٣٠٠٦) .
(٢) رواه مسلم في الصحيح (٣/ ٢٢٦٢) ، ٢٦- كتاب النذر، ٣- باب لا وفاء لنذر، حديث رقم (٨/ ١٦٤١) ، وأبو داود في السنن (٣/ ٢٠٠) ، كتاب الأيمان حديث رقم (٣٣١٦) .

<<  <   >  >>