إبطال خبر الواحد ليتسنى لهم رد كثير من مسائل الاعتقاد التي لا يقولون بها فنقول: صنيع عمر احتياط وغيرة على السنة، ولا يعني أنه لا يقبل خبر الشخص بمفرده، بدليل أنه قبل خبر قبل أخبار كثيرة لكن لا يمنع أنه في وقت من الأوقات إذا خشي من تتابع الناس من الإكثار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يتثبت ويش المانع؟ ولا يعني أنه يرد خبر أبي سعيد أو خبر فلان أوعلان، فمثل هذه الأمور وهي من الدقائق ينتبه لها، وسيأتينا في الخبر المعنعن مزيد بسط لهذه المسألة في كون البخاري يشترط اللقاء وهذا المعروف عنه، ومسلم يكتفي بالمعاصرة، وشنع مسلم في مقدمة الصحيح على من يشترط اللقاء، وحتى قال القائل: إنه يستحيل أن يقول البخاري بهذا القول مع تشنيع مسلم، ومسلم أعرف الناس بالبخاري، يستحيل أن يطلق مسلم هذه الألفاظ الشنيعة في البخاري إذن البخاري لا يقول بهذا القول، نقول: البخاري يقول بهذا القول، ومسلم لا يرد على البخاري، وإنما يرد على مبتدع يريد أن يوظف كلام الإمام البخاري في نصر بدعته ورد السنة، فإذا استغل القول قول إمام من الأئمة استغله مبتدع ورددنا على المبتدع فإننا لا نرد على الإمام الذي يريد أن يحتاط للسنة، كما إذا رددنا على أبي الحسين البصري أو أبا علي الجبائي أو غيرهم من المعتزلة في ردهم خبر الواحد، هل نحن نرد على عمر بن الخطاب نعم؟ لا نرد على عمر بن الخطاب، فتوضع النقاط على الحروف في مثل هذا، وإذا خشي من اللوازم القول لا سميا في مقام أو في مجال لا مانع من التشديد فيه وتنفى اللوازم مع كوننا لا نلتزم بها، وفي وقت السعة تبسط المسألة بذيولها، ولذلك تجد شيخ الإسلام أحياناً إذا تحمس للرد على أحد نسف القول بلوازمه، وإذا بحث المسألة بحث فيه شيء من السعة بسطها على أصولها.