للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صحح النية في التحديث، وهذا مما يشترك فيه المحدث والطالب؛ لأنه سيأتي قوله: "وأخلص النية في طلبك" هنا يقول: صحح النية في التحديث، والنية عليها مدار قبول العمل، فإذا جلست للتحديث ناقش نفسك لماذا جلست؟ إما أن تكون داخل في الدعوات النبوية، وإما أن تكون من أول من تسعر بهم النار يوم القيامة، ناقش نفسك والنية شرود قد تستحضرها في أول الأمر، ثم يطرأ عليك ما يطرأ، وتشرد النية وأنت لا تشعر، فاحرص على متابعة وتحسس هذه النية في كل لحظة، صحح النية بأن تعلم مخلصاً لله -جل وعلا-، ممتثلاً ما أمرت به من التبليغ ((بلغوا عني ولو آية)) مستحضراً ما جاء من الحث على تأدية ما ترويه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- كما سمعته، فإذا استحضرت ذلك صحت نيتك، معرضاً عما يكتنف ذلك من حب لشرف أو سيادة أو رئاسة أو طمع أو دفع ضر أو ما أشبه ذلك؛ لأن الإخلاص لا يجتمع مع حب الثناء والمدح، لا يجتمعا، ولذا يقول ابن القيم -رحمه الله- في الفوائد: "إذا حدثتك نفسك بالإخلاص فعمد إلى حب المدح والثناء فذبحه بسكين علمك أنه لا أحد ينفع مدحه أو يضر ذمه إلا الله -جل وعلا-" ولذا لما جاء الأعرابي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: أعطني يا محمد، إن مدحي زين، وذمي شين، قال: ((ذاك الله)) لكن من يستوي عنده المدح والثناء؟! إذا سمع الإنسان كلمة مدح لا سيما إذا صدرت ممن له شأن أثرت به، وبلغت به من الأثر مبلغاً عظيماً، مع أنه لا المادح ولا الممدوح كلهم في تصرف الله وفي قبضته، وذكرنا مرراً أن الإنسان لو قيل له: إن الأمير الفلاني أو الكبير الفلاني أو الوزير الفلاني مدحك البارحة يمكن ما يجيه النوم الليلة من الفرح، ولا يتذكر حديث: ((من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه)) هذا لا يلقي له بال، مع أن الشيخ السعدي -رحمه الله- في أواخر سورة آل عمران {وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ} [(١٨٨) سورة آل عمران] قال: إذا أحب أن يمدح بما فعل لا يدخل في حيز الذم، الإشكال أن يحب أن يمدح بما لم يفعله، وهذا اجتهاد من الشيخ -رحمه الله-، وفهمه للآية صحيح، لكن بمثل هذا الباب تجد هدي سلف الأمة على خلاف