التفرد: هو الانفراد بأن يكون الواحد لا ثاني له مما يتابعه، هذه حقيقة التفرد، وأما بالنسبة للغرابة والغربة فقد يكون الغريب فرداً، وهذا هو الغالب إذا انتقل من بلده وأهله وعشيرته إلى ... ، وأبعد عن وطنه، فإنه يكون فرداً في هذا البلد الذي لا يَعرف ولا يُعرف فيه، وقد يتغرب أكثر من واحد، فينفك التلازم عن الفردية، وأما الغربة والاغتراب فهي البعد عن الوطن، هناك التفرد الانفراد، والغربة البعد عن الوطن، هذا من حيث المعنى الأصلي اللغوي، من حيث المعنى الاصطلاحي الذي قال ابن حجر: إنهما بمعنىً واحد، هو نفسه فرق بينهما، فيما إذا كان التفرد في أصل السند -في الصحابي- هذا فرد مطلق، وإذا كان التفرد في أثنائه قالوا: هذا غريب، هذا من حيث استعمال الاسم فيهما، إذا قيل: فرد وقيل: غريب، أما استعمال الفعل حينما يقولون: تفرد به فلان، وأغربه فلان، فإنه لا فرق بينهما حينئذٍ، والمسألة مجرد اصطلاح، ولا مشاحة فيه، هذا إذا كان الخبر إنما يروى من طريق واحد، ذكرنا أنه ولو كان في طبقة واحدة من طبقات الإسناد، تفرد به راوٍ من الرواة، ثم يرويه عن جمع أو يروي هو الحديث عن جمع فإن وصف الغرابة لازم له، كما قالوا: إن العدد الأقل يقضي على الأكثر، إذا كانت له طرق متعددة أكثر من طريق، فإن كان الخبر يروى من طريقين فهو العزيز، وإن كان أكثر من طريقين فهو المشهور، ثلاثة فأكثر، هذا ما مشى عليه ابن حجر، والذي مشى عليه المؤلف تبعاً لابن الصلاح وابن مندة جعلوا مروي الاثنين والثلاثة غريب، ومروي ما فوق الثلاثة مشهور.