للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا إذا كانت الطرق محصورة، أما إذا كانت الطرق غير محصورة بأن يروى من طرق متعددة متباينة يُصدّق الخبر بمجرد سماعه الذي جاء من طريق هؤلاء الرواة هذا يسمونه المتواتر، وما قبله داخل في حيز الآحاد، الغريب والعزيز والمشهور يجعلونها آحاد، وإن تعددت الطرق، يعني ليس المراد بالآحاد مروي الراوي الواحد كالغريب والفرد، لا، الآحاد عندهم ما لم يصل إلى حد المتواتر، يعني ولو رواه ثلاثة، أربعة، خمسة، عشرة، على خلاف بينهم هل للتواتر حد من حيث العدد أو لا حد له؟ والمرجح أنه لا حد له، يعني ما يلتزم فيه بحد معين، متى نعرف أن هذا العدد بلغ حد التواتر؟ إذا رأينا أنفسنا ملزمة بتصديق هذا الخبر، ولم نستطع دفعه عن أنفسنا.

هذا التقسيم إلى متواتر وآحاد لا يوجد عند من تقدم من الأئمة، حتى قال بعضهم: إنه ليس من مباحث علوم الحديث، وإنما هو من شأن المتكلمين والأصوليين والفقهاء، أما أهل الحديث فإنهم لا يقسمون الأخبار هذه الأقسام، وكونهم لا يقسمونها لا يعني أنها في الواقع غير موجودة، وإن كانت التسمية حادثة، والأخبار لا شك أنها متفاوتة والذي يأتي من طريق شخص واحد ليس كالذي يأتي من طريقين، والذي يأتي من طريقين ليس كالذي يأتي من ثلاثة، وهكذا، والذي يروى من طريق عشرة أقوى مما يروى بطريق الخمسة مثلاً، وإذا كثر العدد وجدت نفسك ملزمة بقبول الخبر، يعني قد تتردد حينما يخبرك زيد من الناس بخبر ما، ولو كان في أعلى درجات الثقة والضبط، وقد تتردد فيه لما يعتريه ويطرأ عليه من غفلة وسهو ونسيان، وإذا جاءك من طريقين اطمأنت النفس قليلاً، وإذا جاء من طريق ثلاثة زادت الطمأنينة إلى أن يصل إلى حد لا تستطيع رد الخبر، لا يمكن أن تستطيع رد الخبر.