أبو هريرة أكثرهم، والبحر في الحقيقة عبد الله بن عباس، وسماه البحر جمع من الصحابة، ومما جاء في الصحيح من كلام أبي الشعثاء: أبى ذلك البحر، يعني رفض هذا الكلام البحر، ويريد به ابن عباس، "والبحر في الحقيقة ... أكثر فتوى" لا شك أن ابن عباس بسبب دعوة النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يعلمه التأويل، ويفقه في الدين حصل له من الفقه إضافة إلى ما اتصف به من حفظ وفهم، وامتدت حياته وطالت به الحياة حتى احتاج الناس إلى علمه، وتفرغ لهذا الشأن، ابن عمر طالت به الحياة، وصحب النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولزمه، وهو أكبر من ابن عباس، وحدث بالكثير من الأحاديث، لكن ابن عباس أكثر منه تفرغاً للفتوى، ابن عمر اشتغل بشيء من العبادة عن الفتوى، ولذا لما جاء السائل من العراق يسأل عن مسألة في المناسك سأل ابن عمر فقال: اسأل ابن عباس، طريقتهم في تدافع الفتوى، وقد يكون ابن عمر مراده بذلك أن يتفرغ لشيء من العبادة، يعني يأتي طالب علم يسأل والشيخ يقرأ في القرآن تجد الشيخ أحياناً يتضايق، وهو سؤال علم ومأجور عليه، لكنه بصدد عبادة، أو يريد أن يصلي نوافل، وما أشبه ذلك، وبعضهم يعوقه العلم والفتوى والتعليم، بعض العبادات كالصيام مثلاً، فبعضهم يرجح البذل على العبادات الخاصة، وبعضهم يرجح العبادات الخاصة على كثرة البذل، ابن عباس من النوع الذي يرجح البذل، فتجده يفتي ويعلم ويروي بكثرة، هذا السائل الذي جاء من العراق وسأل ابن عمر فقال له: اذهب إلى ابن عباس، قال: ذاك رجل مالت به الدنيا ومال بها، عموم الناس ثقتهم بالعباد من العلماء أكثر من ثقتهم بمن هو أكثر علماً، لكنه في مجال العبادة أقل، هذه نظرة عوام الناس، وما زالت إلى الآن يثقون بمن عنده شيء من العمل، وكل ما كثر العالم في العبادة كانت ثقة الناس به أكثر؛ لأن العامة ما يدركون حقيقة الأمر في النفع القاصر والمتعدي وكذا، ويزنون الناس بالموازين الشرعية، قالوا: هذا عابد أكيد أنه أقرب إلى الله -جل وعلا-، وأكثر إخلاص وأكثر .. ، بينما الثاني يعني هو يعمل الواجبات هذا لا يمكن يفرط بواجباته، وهو عالم محسوب من أهل العلم، لكن لا تجد عنده مزيد من صيام أو مزيد صلاة أو تلاوة وما أشبه