حينما نأتي إلى الخرائط -الخرائط الجغرافية- شخص يريد أن يؤلف في الجغرافيا، ويقول: الناس يسمون هذه الجهة الشمال، وهذه الجهة الجنوب، أنا أبا اصطلح لنفسي، وأبين في المقدمة أن جهة الشام جهة الجنوب، وجهة اليمن جهة الشمال، وأنا أبين، نقول: صحيح، وإلا ليس بصحيح؟ ليس بصحيح، أو لو قال: إن السماء تحت، والأرض فوق، هذا اصطلاح أبينه في كتابي، يشاحح، وإلا ما يشاحح؟ لا بد من مشاحته في مثل هذا، الذي يخالف ما يتفق عليه أهل فن من الفنون بحيث تضطرب أحكامهم بسببه؛ هذا يشاحح فيه، لكن لو قال: الشمال شمال، والجنوب جنوب، لكن بدلاً من الشمال فوق في الخارطة أنا بقلب الخارطة؛ أخلي الجنوب فوق، يغير من الواقع شيئاً؟ ما يغير من الواقع شيئاً، ونقول: لا مشاحة في الاصطلاح، وبعض المتقدمين من الجغرافيين يجعل الجنوب فوق؛ مثل هذا لا مشاحة في الاصطلاح سواءً اللي فوق شمال، وإلا تحت، ما يفرق، أما الذي يغير من الواقع، أو مما تعارف أهل العلم، أو يترتب عليه تغيير في الأحكام الشرعية؛ فإن هذا لا بد من مشاحته، وأي تغير يحصل من اصطلاح البغوي؟ يترتب عليه أن جميع ما في القسم الثاني نقبله، وإن كان فيه ضعيف، وأيضاً جميع ما في القسم الثاني نرجح عليه ما صح، ولو كان فيه صحيح؛ لأنه حكم عليه بحكم واحد، وهو الحسان، قد يقول قائل: إن البغوي يريد الحسن اللغوي، لا الحسن الاصطلاحي، لكن المتبادر من اللفظ هو الحسن الاصطلاحي لمقابلته بالصحاح.