تستكثر عليه هذا؟ وإذا مشينا على هذه الطريقة، ففي ألف يوم أضمن لك أن تكون قد فهمت الكتب الستة، بهذه الطريقة، وجربت من بعض الإخوان، وانتفع بها نفعاً عظيماً، لكننا مع الأسف ما انتبهنا لها إلا بعد أن تقدم السن، وكثرت المشاغل، وصرنا ما نستطيع، لكن أنتم شباب في مقتبل العمر، ليس بكثير أن يمضي طالب العلم ثلاث سنوات، خمس سنوات، عشر سنوات في دراسة الكتب على هذه الطريقة.
فوصيتي لإخواني من طلاب العلم أن يجربوا هذه الطريقة، قد تكون مملة في أول الأمر، لكن الآن الآلات تيسير لكم كثير من هذه الأمور، تطلب هذا الحديث بطرقه من البخاري، وتطلبه من كذا، وفي خمس دقائق تجتمع لك هذه الأمور، أو في ربع ساعة، ونصف ساعة؛ بدلاً من أن تقلب، مع أن البحث بدون آلات، بالجهد الشخصي لا شك أنه أنفع بكثير من استعمال الآلات؛ لأنه كل ما يتعب الإنسان على الشيء يرسخ في ذهنه، وكل ما يكتبه بيده أفضل من أن يكتب له بآلة، لكن الناس لا يصبرون على مثل هذا، وقد وجدوا ما يريحهم، والتعب، والمشقة ليست مقصودة لذاتها، وإنما هي مقصودة لترسيخ العلم، كما أن الأتعاب التابعة للعبادات يثاب عليها، الذي يحج من بغداد، وليس لديه ما يركبه، ليس كمن يحج من نجد مثلاً؛ لأن هذا تعب لكنه من أجل العبادة، ولا يقال للنجدي مثلاً: اذهب إلى العراق وحج من العراق، نقول: لا، هذا تكليف زائد على العبادة، قدر زائد لا تؤجر عليه، لكن إذا تطلبت العبادة هذا التعب فأنت مأجور عليه، ولو أنفقت في عمرك كله في هذه الطريقة ما هو بكثير، فجمع الطرق من أنفع الوسائل لمعرفة العلل، وفهم ألفاظ الأحاديث، وما خفي في بعضها من بعض.
"تدرك بالخلاف" أي بمخالفة راويه لغيره من هو أحفظ، أو أتقن، أو أضبط "والتفرد" حيث لا متابع "مع قرائن تضم" ولا بد من القرائن، وأقول: متى يصل طالب العلم إلى معرفة هذه القرائن التي ترجح له بعض الطرق على بعض؟