كثير من طلاب العلم يحتار في هذا الترجيح؛ لأنه لم يصل إلى المرتبة، أو إلى المنزلة التي يدرك بها هذه القرائن، وهذه القرائن هي التي يحكم بها الأئمة الحفاظ الكبار "مع قرائن تضم" لما ذكر "يهتدي" لكن إذا عانى الحديث بهذه الطريقة يتكشف له كثير من القرائن التي تخفى على غيره "مع قرائن تضم" لما ذكر "يهتدي" بمجموع ذلك "جهبذها" الجهبذ هو النقَّاد، الحاذق، الخبير:
جهبذها إلى اطلاعه على ... . . . . . . . . .
يعني على ما لم يطلع عليه قبل ذلك "على تصويب إرسال" قد يكون في أول الأمر صوب الوصل، صوب الوصل، كما هو شأن طالب العلم المبتدئ في هذا الشأن الذي يجري على قواعد المتأخرين مثلاً، وقيل له: إن الحكم لمن وصل؛ لأن معه زيادة علم، فيتمرن على هذا، لا بأس أن يتمرن على هذه القواعد حتى يهتدي إلى مثل هذه القرائن:
. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . يهتدي
جهبذها إلى اطلاعه على ... تصويب إرسال لما قد وصلا
"تصويب إرسال لما قد وصلا" فيترجح له تصويب الإرسال لما قد وصل، وحديث:((لا نكاح إلا بولي))، الذي مضى في تعارض الوصل مع الإرسال عبرة، ومثال دقيق لهذا الكلام، فليراجع عليه كلام الترمذي -رحمه الله تعالى-، يعني أرسله شعبة، وسفيان، وهما كالجبل في الرسوخ في هذا الشأن، ومع ذلكم رجح البخاري وصله؛ لأن شعبة، وسفيان أخذهم له في مجلس واحد، فكأنهما راوٍ واحد، وطالب العلم إن أراد أن يدقق في هذه المسألة يرجع إلى جامع الترمذي في كلامه على هذه الحديث، ويتكشف له أمور تخفى عليه من قبل:
. . . . . . . . . إلى اطلاعه على ... تصويب إرسال لما قد وصلا
أو وقف ما يرفع ... . . . . . . . . .
أو تصويب الوقف للمرفوع، تصويب الوقف للمرفوع، الإمام أحمد -رحمه الله-، وهو من هذا النوع جهبذ نقاد، خبير مطلع، يحفظ سبعمائة ألف حديث، والحفظ يعين؛ لأن الذي يحفظ ما يحتاج إلى جمع، الطرق مجتمعة عنده، تجاوز هذه المرحلة، فالذي يحفظ، يعني المتون، والأسانيد؛ تتكشف له هذه الأمور.