فهم أنه لا يصلي؛ يعني توقع هذا منه لظرف من الظروف حصل منه، فصار ينقله بإطلاق، فتبعاً لهذا الوهم صار يشيعه بين الناس، وكم من قول أو فعل ألصق بشخص وهو منه بريء؛ بناء على فهم من نقله، على فهم من نقله.
"إذ ظن راو نفيها" أي البسملة "فنقله" تصريحاً.
وصح أن أنساً يقول:"لا ... أحفظ شيئاً فيه" حين سألا
الألف هذه للإطلاق، سأله أبو سلمة سعيد بن يزيد: أكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستفتح بالحمد لله رب العالمين، أو ببسم الله الرحمن الرحيم؟ فذكر أنه لا يحفظ شيئاً، وهذا السؤال متأخر جداً؛ يعني بعدما كبرت سنه، ونسي -رضي الله عنه- وأرضاه، وإلا الرواية الثابتة عنه:"أنهم كانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين" ومن مقتضى قراءة الحمد أنهم يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم؛ لإجماع الصحابة على ذكرها في أوائل السور، فلا تقرأ السورة تبعاً لهذا الاتفاق إلا أن تقرأ معها البسملة، وهذا قول جمهور أهل العلم، قول الجمهور، وأما بالنسبة للمالكية فلا يرون في الصلاة لا استفتاح ولا استعاذة ولا بسملة، كما هو معروف، الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-، وهو الذي يسعى جاهداً لصيانة الصحيح وجه هذه الرواية على وجه مقبول، فحمل نفي الذكر على نفي السماع، حمل نفي الذكر على نفي السماع، فصحح هذه الرواية، وقال: كون أنس يقول: لا يذكرون؛ يعني أنه لم يسمع، ونفي السماع سببه نفي الجهر، نفي السماع سببه نفي الجهر، فمقتضى الرواية أنهم لا يجهرون، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم جهراً، لا في أول القراءة، ولا في آخرها، ولا شك أن مثل هذا مبالغة في نفي ما أريد نفيه، إذ البسملة في أول القراءة لا في آخرها، وقد يقول قائل: إن المراد بالقراءة في آخرها للسورة التي تليها، وقد يقول قائل: عن هذا من باب المبالغة في النفي كما جاء في حديث: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته)) يعني ما قال أحد، ولا العرب في الجاهلية قالوا: إن الشمس تنكسف لحياة أحد، وإنما تنكسف لموته قالوا، فمن باب المبالغة في النفي قيل:((لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته)).