فالعلة هي السبب الخفي الغامض الذي يقدح في الحديث الذي ظاهره السلامة منها، لكنهم لا يقتصرون في كتب العلل، وفي تعليل الأخبار لا يقتصرون على الغامض، الغامض هو الأصل في هذا الباب، لكن قد يعللون بالظاهر، والعلة من حيث معناها الأصلي تشمل الظاهرة، وتشمل الخفية، تشمل الظاهرة، وتشمل الخفية، نظير العلل التي تكون في الأبدان، منها الجرح الظاهر، والكسر الظاهر، ومنها العلل الخفية الباطنية التي قد لا يصل إليها كثير من الأطباء؛ كلها علل، كلها تقدح في صحة هذا الشخص، والعلل الظاهرة، والخفية كلها تقدح في صحة المروي، لكنهم في الأصل في هذا الباب الذي يعظم العلماء من شأنه إنما يقصدون به العلل الخفية، ويجعلون الحد والتعريف للعلل قاصر على الخفية، وهنا يقول: كثر التعليل بالإرسال الظاهر، فبعد أن قدم أن العلة تكون خفية بين أنها قد تكون ظاهرة، فقال:"كثر" يعني من الأئمة المتقدمين لا سيما من صنف في العلل تجدون في كتب العلل، العلل الظاهرة كما تجدون العلل الخفية، "وكثر التعليل بالإرسال للوصل" وأيضاً كثر التعليل بالوقف للرفع "إن يقوَ على الاتصال" إن يقوى الإرسال والوقف حيث يرجح على ضده؛ "إن يقوَ" يعني على ضده من الاتصال والرفع، إذا كان أقوى من ضده، بأن دلت القرائن على رجحانه، أو كون رواته أكثر، أو أحفظ، أو أكثر ملازمة لشيوخ "إن يقوَ على اتصال" فهم يعلون بالإرسال.
وقد يعلون الحديث بكل قدح:
وقد يعلون بكل قدح ... . . . . . . . . .
يعلون الحديث بكل قدح، يعني ظاهر "فسق" في راويه "وغفلة" منه "ونوع جرح":
وقد يعلون بكل قدح ... فسق وغفلة ونوع جرح
كسوء حفظ، وفحش غلط، ومخالفة ثقات، وما أشبه ذلك، يعلون بالعلل القادحة، وإن كانت ظاهرة، مثل فسق الراوي، فتجدون في كتب العلل تضعيف حديث؛ لأن فلان فاسق، راويه فاسق، يزاول معصية، ويعلونه بأنه فيه غفلة، أن راويه فيه غفلة، وهذه العلل الظاهرة موجودة في كتب العلل كوجود العلل الخفية، لكن الأصل في هذه الباب هو العلل الخفية: