ومع ذلك يقول: لا يقدح فيه إلا رافضي مبغض لآبائه، لو رأيت لحيته، وهيئته عرفت أنه ثقة، هذا ما يكفي في التعديل، واغتر بظاهره، فلا بد من بيان التعديل؛ لأنه كيف عدله؟ عدله بغير ما يعدل به الراوي، والإمام مالك رغم شدة تحريه، ونقده للرجال استدل، أو روى عن عبد الكريم بن أبي المخارق أبي أمية، وقال: غرني بكثرة جلوسه في المسجد، فعلى هذا بيان التعديل أمر لا بد من على هذا القول، ومنهم من قال في القول الثالث: يبين الجميع، يبين الجميع، والعلة مركبة من علتي القولين، من علتي القولين، والقول الرابع عكسه: لا يبين شيء، لا يبين شيء، لا سيما إذا صدر الجرح، أو التعديل من عالم؛ عارف بأسباب الجرح والتعديل، مع أن هذا القول، وإن كان هو الواقع العملي -على ما سيأتي- إلا أن هذا الشرط، هذا الشرط الذي ذكروه أن يكون من عالم؛ عارف بأسباب الجرح والتعديل هو مطلوب على كل حال بين أو لم يبين؛ لأن غير العالم العارف بأسباب الجرح والتعديل لا يقبل قوله أصلاً، ولو بين، فهذا القيد لا حقيقة له؛ لأنه يشترط في المعدل، والمجرح أن يكون عارفاً بالأسباب؛ الأسباب التي بها يجرح، والأسباب التي بها يعدل.
إشكال أورده ابن الصلاح وأجاب عنه: إننا لو نظرنا في كتب الرجال في تاريخ البخاري، في الجرح والتعديل، في الكمال، في الكامل لابن عدي، تهذيب الكمال، تهذيب التهذيب، كتب الرجال قاطبة ليس فيها بيان، إلا في القليل النادر، في القليل النادر يذكر البيان: ضعفه فلان؛ لأنه يفعل كذا، لكن الغالب أنه لا يذكر السبب، فيترتب على هذا إذا اشترطنا تفسير الجرح، أو تفسير التعديل أننا نلغي هذه الكتب، ولا نستفيد منها؛ لأن الأحكام فيها مجردة عن بيان السبب.
"فإن يقل" قال الناظم -رحمه الله تعالى-:
فإن يقل قل بيان من جرح ... . . . . . . . . .
يعني على القول بأن الجرح لا يقبل إلا مفسراً "فإن يقل" على القول السابق "قل بيان من جرح" يعني سبب الجرح، قل بيان سبب الجرح من قبل الأئمة الذين تنقل أقوالهم، بل يقتصرون على الجرح، ويقولون: ضعيف، متهم، واهم، .. ، إلى غير ذلك من الألفاظ التي تأتي -إن شاء الله تعالى- في ألفاظ الجرح.