يقول -رحمه الله- تعالى:"وللحميدي" أما من كان كذبه في كلامه العادي، ويتعمد الكذب في كلامه العادي، فإن هذا توبته مقبولة، الكلام فيمن يتعمد الكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام-، فيضع الحديث في أي موضوع كان، سواءٌ كان وضعه للحديث في العقائد، أو في الأحكام بالحلال والحرام، أو في الفضائل، والترغيب، والترهيب، وغيرها، لكنه ينسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويقول عليه ما لم يقله -صلى الله عليه وسلم-، هذا الذي فيه الخلاف في هذه المسألة.
يقول:"وللحميدي" شيخ الإمام البخاري، عبد الله بن الزبير، أول شيخ يروي عنه البخاري في صحيحه، وهو غير الحميدي صاحب الجمع بين الصحيحين؛ لأن هذا متقدم، متوفى سنة تسعة عشرة ومائتين، يعني قبل الإمام أحمد باثنين وعشرين سنة، ولذلك قُدم عليه في النظم؛ لأنه قبله، وأما صاحب الجمع بين الصحيحين الحميدي محمد بن أبي نصر فتوح، هذا متأخر، متأخر في الخامس، أربعمائة وزيادة، فهو غيره؛ لأن الحميدي صاحب الجمع بين الصحيحين اشتهر بين الناس لكتابه، وتقدم الحديث عنه في العام الماضي، في قول الناظم:
. . . . . . . . . ... وليت إذ زاد الحميدي ميزا
"وليت إذ زاد الحميدي ميزا" لأن الحميدي جمع بين الصحيحين، واعتمد على المستخرجات، والمستخرجات فيها زيادات، ونقل هذه الزيادات، وعلى حد زعم الناظم أن الحميدي زاد هذه الزيادات، ولم يميز بين الأصل والمزيد، وواقع الكتاب يشهد بخلاف ذلك، فإنه يميز هذه الزيادات، فالحميدي المتأخر ليس هو المقصود، إنما المقصود شيخ البخاري، شيخ الإمام البخاري، عبد الله بن الزبير المكي.