أصل هذه المسألة مفرع عن شهادة القاذف، القاذف ارتكب جرماً عظيماً، والقذف شأنه عظيم، وخطير، وجاء في الخبر مضعف عند أهل العلم، لكن يبين خطورة القذف:((قذف محصنة .. )) قال: ((يحبط عبادة ستين سنة))، لا شك أن القذف للمحصنات الغافلات المؤمنات شأنه خطير، ولذا وجب فيه الحد، حد الفرية ثمانين جلدة، ولو أحضر من أحضر، لو شهد له واحد، أو اثنين، أو ثلاثة، لا بد أن يأتي بأربعة شهداء؛ لأن الأمر عظيم، ليس كغيره من الذنوب يتعلق بتدنيس عرض، بتدنيس عرض، وهذا العرض لا يقتصر على شخص، بل يتناول أشخاص، وقد يتناول قبيلة مثلاً، إذا دنس عرض واحد، أو واحدة منهم، فالأمر عظيم، وجاء فيه الحد:{فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(٤ - ٥) سورة النور]، هذا تاب، قذف محصنة، وتاب، قذف محصنة، قذف محصنة، وقد رأى العمل بأم عينيه، يعني كلامه مطابق للواقع، مطابق للواقع، وأحضر ثلاثة من الشهود العدول الثقات أنهم رأوا العمل بما لا يحتمل مجالاً للشك، أو التردد، نستحضر هذه الأمور كلها، يعني رأى الميل في المكحلة بنفسه، ومعه ثلاثة، فقذف، وشهد له هؤلاء الثلاثة الثقات يترتب عليه ثلاثة أحكام؛ لأن الأمر ليس بالسهل، يجلد ثمانين جلدة، ولا تقبل شهادته أبداً، مع التأبيد، ويتصف بالفسق:{وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(٤ - ٥) سورة النور]، ومعروف الخلاف في الاستثناء، هل يرجع إلى الجمل الثلاث، أو يرجع إلى الأخيرة فقط، أو على ما يرجع؟ في مثل هذا، أما في هذه الآية، فرجوعه إلى الأخيرة محل اتفاق، أما رجوعه إلى الأولى –أيضاً- لا يرجع اتفاقاً، بل لا بد من جلده، ولو تاب، الخلاف في المسألة الثانية، وهي قبول شهادته، قبول شهادته، فهل تقبل شهادته ليعود الاستثناء على الجملتين الثانية، والثالثة؟ أو لا تقبل؛ لأن رد الشهادة اقترن بالتأبيد؟ فمن قبل شهادته قال: إن رد الشهادة سببه الفسق، وارتفع الفسق اتفاقاً، وإذا ارتفع الفسق، وهو الوصف المؤثر في رد الشهادة؛ ارتفع ما ترتب عليه، وهو رد الشهادة، ومنهم من يقول: إن هذا