لا شك أن هذه الصيغ متفاوتة كما مر بنا وسيمر أيضاً، هذه الصيغ متفاوتة، فأقواها سمعت، ثم حدثني، ثم أخبرني، ثم أنبأنا، ثم عن، وأن، وقال، وقال لي، هي متفاوتة، لكن كلها بالنسبة لمن برأ من وصمة التدليس كلها تدل على الاتصال، لا شك أنهم يرجحون، يعني من المرجحات التي ذكرت، مرجحات كثيرة جداً، التي ذكروها حيث أوصلها الحازمي إلى خمسين، وأناف بها الحافظ العراقي في نكته على ابن الصلاح على المائة، منها الترجيح بصيغ الأداء، فإذا قال المحدث: سمعت فلاناً لا يحتمل أن بينه وبينه واسطة، ومثله لو قال: حدثني أو أخبرني بخلاف العنعنة، أو مثل قال فإنها معروف أنها دون التصريح بالسماع والتحديث من حيث إفادة الاتصال وعدمه، ومع ذلك هي محمولة على الاتصال بالشرطين المعروفين عند أهل العلم، أعني العنعنة وفي حكمها السند المؤنن ومثلها قال؛ لأن حكمها حكم السند المعنن، فالتصريح بالتحديث أو بالسماع هذا لا يحتمل، وما عداه فهو محتمل، إلا أنه محمول على الاتصال عند الجمهور، ومنهم من يقول: هي منقطعة باستمرار، الأصل فيها الانقطاع، وهذا قول البرديجي وجمع من أهل العلم، ومنهم من يفرق بين (عن) و (أن) فيرى أن (عن) محمولة على الاتصال، وأن فلاناً قال منقطعة، ونسبه ابن الصلاح إلى الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة وهذا كله تقدم.
. . . . . . . . . ... وحكم (أن) حكم (عن) فالجل
سووا وللقطع نحا البرديجي ... حتى يبين الوصل في التخريجِ
ونسب ابن الصلاح للإمام أحمد ويعقوب بن شيبة أن السند المأنن محكوم بانقطاعه بخلاف السند المعنعن، وأورد لذلك مثالاً من حديث عمار بن ياسر، ففي بعض رواياته عن محمد بن الحنفية عن عمار أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مر به، وفي بعض رواياته عن محمد بن الحنفية أن عماراً مر به النبي -عليه الصلاة والسلام- فحكم على السند الأول الوارد بـ (عن) بالاتصال، وحكم على السند الثاني الوارد بـ (أن) بالانقطاع وقال: إن السبب في ذلك مرده إلى اختلاف الصيغة، يقول الحافظ العراقي: