للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بد من المشاحة إذا ترتب على هذا الاصطلاح الذي يخالف فيه تغير في حكم تقرر في أي علم من العلوم، يعني يخالف أهل العلم قاطبة فيه هذا لا، لكن في الأمور المحتملة لا بأس.

وقد عزاه صاحب الإنصافِ ... للنسئي من غير ما خلافِ

والأكثرين وهو الذي اشتهر ... مصطلحاً لأهله أهل الأثر

ابن وهب وهو ممن يقول بالتفريق يقول أهل العلم: إنه من أول من أحدث التفريق على ضوء هذا الاصطلاح في مصر، هو أول من أحدث هذا التفريق بين اللفظين تبعاً للاصطلاح بمصر، يعني الإمام البخاري تبعاً لقوله، وأنه لا فرق بين اللفظين تجدون أحياناً يقول: حدثنا، وأحياناً يقول: أخبرنا، ما في فرق عندهم، واللفظان بمعنى واحد، ولا يفرق هل روي الحديث بطريق السماع أو بطريق العرض؟ ما في إشكال عنده، لكن مسلم يفرق بدقة، فكثيراً ما يقول: حدثنا فلان وفلان وفلان، قال فلان: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا، يفرق بين هذه الأمور، مما جعل بعض طلاب العلم أو بعض أهل العلم أهل الصنعة يعتنون بمسلم أكثر من عنايتهم بالبخاري، لماذا؟ لأنه يفرق هذه التفريقات الدقيقة، ويفرق بين ألفاظ الشيوخ، فتجد الإمام مسلم يذكر الفرق ولو كان حرفاً واحداً، والبخاري لا يهتم بمثل هذا، إنما يعنيه نظافة الأسانيد، وسلامة الألفاظ، بينما الإمام مسلم يفرق بين ألفاظ الشيوخ، ويقول: زاد فلان، ونقص فلان، ولو حرف واحد، فيجعل مدار ومحور البحث على صحيح مسلم، ثم يأخذ عليه زوائد البخاري، مع أن أهل العلم قاطبة إلا من ندر على ما تقدم يفضلون صحيح البخاري على مسلم، وهو أصح منه في قول جماهير أهل العلم، فالذي ينبغي أن يكون المحور محور البحث صحيح البخاري، وتنقل زوائد مسلم، ويستفاد من زوائد مسلم على البخاري، إذا كان مسلم بهذه الدقة في التفريق بين صيغ الأداء، والتفريق بين ألفاظ الشيوخ فلماذا لا يقدم على البخاري؟ يعني هل لمن قدم صحيح مسلم من هذه الحيثية هل له وجه أو ليس له وجه؟ يعني يقول القائل:

تشاجر قوم في البخاري ومسلمُ ... لدي وقالوا: أي ذين تقدمُ؟

فقلت: لقد فاق البخاري صحة ... كما فاق في حسن الصناعة مسلمُ