للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعني إذا استنصحك شخصك يقول: هل أعتني بصحيح مسلم أو بصحيح البخاري؟ هو بيعتني بالجميع، لكن ما الذي يقدم؟ فيجعل المركز مركز البحث، ومحور البحث أحدهما، كان بعض الإخوان الذين يعتنون بالحفظ يقدمون مسلم، فيأخذون صحيح مسلم من غير تكرار، ويحذفون أسانيد متون مسلم، ثم يأخذون زوائد البخاري، لكن الذي ينبغي هو العكس، لا شك أن تدريب الطالب على صحيح البخاري، تمرينه على صحيح البخاري أولى؛ ليتخرج الطالب جامعاً بين الفقه والحديث، وكون الإمام مسلم يُعنى بهذه الدقائق لا يعني أنه حتى في الألفاظ أدق من البخاري، لا يعني هذا؛ لأن الجميع يستوون ويجتمعون ويتفقون على جواز الرواية بالمعنى، وما دام الرواية بالمعنى جائزة فما معنى أنني أعتني بلفظ شيخي دون من فوقه، وهذا صنيع مسلم، هو يعتني بصيغ الأداء حسب ما روّاه شيوخه، لكن ماذا عمن فوقه؟ يعتني بالألفاظ الدقيقة حسب ما روّاه شيوخه، لكن ماذا عن أربع طبقات قبل شيوخه؟ الرواية بالمعنى جائزة عند البخاري وعند مسلم، إذاً ما سوينا شيء، يصير هناك فرق؟ ما يصير في فرق إلا في ألفاظ الشيوخ شيوخ مسلم فقط، البخاري لا يدقق في ألفاظ الشيوخ، مسلم يدقق في ألفاظ الشيوخ، لكن ماذا عن لفظ شيخ الشيخ؟ هل يعتني به مسلم؟ ما سمعه من أجل أن يعتني به، هو سمع هذا اللفظ من شيخه فقط، وسمعه من شيخ آخر، وصار بينهما فرق بيّن هذا الفرق، وماذا عن شيخ الشيخ، والشيخ الذي قبله، والشيخ الذي قبله؟ ويتفق مع البخاري في جواز الرواية بالمعنى، وحينئذٍ يكون المنهج واحد ما في اختلاف، كون مسلم يعنى بالبيان في طبقة واحدة، طبقة شيوخه فماذا عن بقية السند؟ مع قول جماهير أهل العلم أن صحيح البخاري أنظف في الأسانيد والمتون، والأحاديث المنتقدة في صحيح البخاري أقل من الأحاديث المنتقدة في صحيح مسلم، وفي صحيح البخاري من دقائق العلوم من فقه الإمام البخاري الذي هو فقه أهل الحديث، ومن الآثار الموقوفة، ومن أقوال الصحابة والتابعين من الدرر الغوالي والنفائس العوالي ما لا يوجد نظيره في مسلم.