وابن منده يرى أنها أعلى منه، أعلى من السماع، ومنهم من يقول: هما سواء، ما دام أذن له أن يروي فكأنه سمع، وهذين القولين ليسا بشيء؛ لأن الخلاف في أصل جواز الإجازة، في أصل جواز الرواية بالإجازة، والقسم الأول والثاني تصح الرواية بهما بالإجماع، ولهما من الدلائل اللغوية والشرعية مما لا يجعل في النفس أدنى ريب أو شك في صحة الرواية بهما، أما الإجازة فالخلاف فيها قوي، والرواية بها والاستدلال للرواية بها لا شك أن فيه غموض، يعني شيء حادث طارئ، لا يوجد في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا في عصر صحابته الكرام، ولا في عصر التابعين، إنما وجد متأخر.
ثم الإجازة تلي السماعا ... ونوعت لتسعة أنواعا
نوعت يعني قد نوعت الإجازة لتسعة أنواعاً، يعني تسعة أنواع، وهي متفاوتة في القوة والضعف؛ لأن منها ما يعين فيه المجاز له، والمجاز به، كأن يقول: أجزت لمحمد بن عبد الله بن فلان الفلاني عيّن المجاز له برواية صحيح البخاري عني، عين المجاز والمجاز به، هذه أرفع الأنواع، الثاني: يعين المجاز ولا يعين المجاز به، الثالث: يعين المجاز به ولا يعين المجاز ... إلى آخر الأقسام التي سوف يذكرها الناظم -رحمه الله تعالى- واحداً تلو الآخر.
فأرفعها اللي هو النوع الأول.
أرفعها بحيث لا مناوله ... . . . . . . . . .
أرفع هذه الأنواع التسعة حيث لا مناولة؛ لأن الكلام في القسم الثالث في الإجازة المجردة عن المناولة؛ لأن عندنا إجازة مجردة، أجزت لك أن تروي عني صحيح البخاري، وهناك مناولة مقرونة بالإجازة، هذا صحيح البخاري خذه فاروه عني، لا شك أن هذا أعلى.
الثالث: المناولة المجردة عن الإجازة، وهذه باطلة على ما سيأتي.
وإن خلت عن إذن المناوله ... قيل: تصح والأصح باطله
يعني إذا ناوله كتاب يرويه عنه بمجرد المناولة؟ لا، وسيأتي الكلام في هذا، المقصود أن الكلام في الإجازة المجردة عن المناولة، الباب كله في الإجازة المجردة عن المناولة، فأرفعها مما تجرد بحيث لا مناولة معها