القمطر الدواليب التي تحفظ فيها الكتب، يعني الاعتماد على الكتب، هذا ليس بعلم، نعم هو علم بالقوة القريبة من الفعل لا بالفعل، بمعنى أن الإنسان لو ابتعد عن كتبه صار إذا سئل ما أجاب، وإذا أراد أن يحدث ما استطاع، إذا كان عمدته، ومعوله على الكتب، فعلى الإنسان أن يكون معوله على الحفظ، الاعتماد على الكتابة لا شك أنها أضعف الحفظ، وقلنا: إن النهي في أول الأمر بسبب هذا، وأيضاً كما قال أهل العلم: إن النهي خشية أن يلتبس الحديث بالقرآن، خشية أن تضعف الحافظة للاعتماد على الكتابة، أو خشية أن يلتبس الحديث بالقرآن، ثم بعد ذلك نسخ هذا النهي، واستقر الإجماع على جواز الكتابة، وبعد أن كان الناس معولهم على الحفظ، والحافظة عندهم تسعفهم؛ لاعتمادهم عليها، اعتمد كثير منهم على الكتابة، فالنتيجة أن الحافظة ضعفت، يعني الإنسان الذي يعتمد في حفظ الأرقام على ذاكرته يستحضر هذه الأرقام متى شاء، لكن من دون الرقم في مذكرته، لو قيل له بعد دقيقة: أعد الرقم، ما استطاع، ما يستطيع؛ لأن القصد إلى الحفظ مهم في الحفظ، القصد إليه، ولذلك تجد كثير من الناس يسمع دعاء القنوت يردد مراراً في رمضان، وفي النهاية إذا قيل له: أعد، ما أعاد، تسمع المصلي مثلاً في صلاة الجمعة يسمع من الخطيب كلمات تكرر في كل خطبة، لكنه لم يقصد حفظها، ما قصد الحفظ، لكن لو قصد الحفظ لا شك أنه يهتم به، فيثبت عنده، وبعد ذلك استقر الإجماع على جواز الكتابة، والنتيجة ما سمعتم، يعني كان الصدر الأول يتميزون بالحفظ، وفيهم الأئمة الحفاظ الكبار، ثم بعد ذلك تتابع الناس على الكتابة، وأجمعوا عليها، فضعفت الحافظة، والكتاب أحد نوعي الضبط، وهو معتمد عند أهل العلم، والرواية منه صحيحة، لكن الإنسان الذي يعتمد على كتابه إن ابتعد عنه ما استطاع أن يستحضر، إن تلف كتابه، أو احترق اختلط، إن حرف كتابه، أو تعدى عليه أحد بتغيير، أو شيء ضعف في روايته بسبب هذا التغيير.