استمر الناس على الكتابة إلى القرن الثاني عشر، أوأواخر الحادي عشر، جاءت الطباعة، يعني في القرن الحادي عشر جاءت الطباعة، فماذا حصل؟ تخوف المشفقون من أهل العلم على العلم بسبب الطباعة، فأفتى بعض شيوخ الأزهر بتحريم طباعة الكتب الشرعية، قالوا: اطبعوا تاريخ، أدب، لغة، أما الكتب الشرعية لا تجوز طباعتها، هذا شفقة على العلم، لماذا؟ لأنه إذا كانت الكتابة، والعالم، أو طالب العلم يتولى كتابه بنفسه مضعفة للعلم، ومضعفة للحفظ، فماذا عن الطباعة ويتولاها غيرك، يعني أنت احتجت إلى كتاب، قبل الطباعة ماذا تصنع؟ إما أن تستعير الكتاب، وتديم النظر فيه، إلى أن تحفظ ما تحاج منه، أو تنسخ الكتاب تكتبه، وإذا كتبته على أن الكتابة أضعف من الحفظ الكتابة ترسخ الحفظ، يعني معين على التحصيل، نعم ليست بدرجة الحفظ لكنها دونه، وهي مع ذلك أفضل بكثير من أن تشتري الكتاب جاهزاً، آحاد الطلاب الآن يملك مكتبة كبيرة، يعني عموم طلاب العلم عندهم مكتبات، لما تيسرت الطباعة، وبذلت الكتب، تجد طالب العلم عنده عشرين دالوب، مائة دالوب فيه ألوف المجلدات، لكن لو تقول له: عدد أسماء هذه الكتب ما استطاع، فضلاً عن كونه يعرف محتوى هذه الكتب، ولو على سبيل الإجمال، يعني بعض الناس عنده حرص، إذا اشترى الكتاب تصفح الكتاب، وأخذ تصور تام عن الكتاب، هذا طيب، لكن بعض الناس يشتري تركات، ويرص بها الدواليب، وهذا آخر عهده بالكتاب، تصوروا طالب علم اشترى فتح الباري، وجلس عنده ثلاثين سنة، أربعين سنة ما فتح الكتاب، لكن لو ما وجدت الطباعة، واحتاج إلى كلام الحافظ على هذا الحديث ماذا يصنع؟ إما أن يستعير الكتاب، وينظر، ويقرأ، وإذا قرأ في شيء لا يمكث عنده؛ لأن بقاء الكتاب لا شك أنه يطيل الأمل في قراءته، الكتاب موجود، إذا ما حرص عليه الآن بكرة -إن شاء الله-، غداً، إذا جاء الغد؛ قال: اليوم أنا مشغول بعده، لكن إذا كان الكتاب ما هو لك، مستعيره لمدة خمسة أيام، لا بد أن تنظر فيه هذه المدة، صاحب الكتاب لن يصبر أكثر من ذلك، فهذا هو السبب في ضعف التحصيل عند طلاب العلم.