للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا من حيث العموم، إذا توافرت الشروط؛ فالمقصود به الصحة في ظاهر الأمر، الصحة في ظاهر الأمر، وهذا ميل منه -يعني ابن الصلاح، ويتبعه الحافظ العراقي– إلى أن مفاد خبر الواحد في الأصل لا يفيد القطع، لا يقطع به في حقيقة الأمر، وإنما الحكم للظاهر "في ظاهر لا القطع" فلا يحكم به قطعاً، وإنما إذا توافرت الشروط؛ حكم بصحته من خلال هذه الشروط، وأنه لا يقطع به، بمعنى أن خبر الواحد يفيد الظن، ولا يفيد القطع في الأصل؛ والسبب في ذلك أن الراوي الثقة الضابط مهما بلغ من الحفظ، والضبط، والإتقان، فإنه لا بد أن يقع منه خطأ، ومادام هذا الاحتمال قائماً؛ فإننا لا نقطع بصحة ما قال، لا نقطع، وإن كان الغالب على الظن أنه صادق، وضابط، ومتقن، بمعنى أنه لو جاءك شخص من أوثق الناس عندك، وقال لك: جاء زيد من سفره، هذا خبر من ثقة ضابط، لكن هل تستطيع أن تحلف أن زيداً قدم من سفره؟ أو في احتمال أن هذا الرجل شبه عليه، أو لبس عليه، أو أخطا في تقديره؛ فكيف إذا تعددت الوسائط، وكلهم ثقات، قال لك زيد: حدثني عمرو عن بكر عن خالد عن سعيد: أن محمداً حضر من سفره، يعني كل ما تقل الوسائط؛ يقل الاحتمال، لكن إذا كثرت الوسائط، ولو كانوا ثقات؛ ما من واحد منهم إلا ويحتمل أنه أخطأ، وإذا وجدت هذه الاحتمالات، وإن كان الاحتمالات ضعيفة؛ تنزل الخبر من كونه مقطوعاً به، مفيداً للعلم اليقيني مائة بالمائة إلى نسبة تتبع اتصاف هؤلاء الرواة بأعلى درجات الحفظ، والضبط، والإتقان، أو نزولهم عنها.