فبعض الرواة تعطي خبره تسعة وتسعين بالمائة؛ يعني هل يستطيع شخص أن يقول: إن جميع ما نطق به مالك صحيح مائة بالمائة؟ نجم السنن؟ لا يستطيع أحد أن يقول ذلك، وحفظ عليه بعض المخالفات، وهو مالك، الزهري الذي نص العلماء عن أنه لم يوقف له على خطأ؛ هل هو معصوم؟ ليس بمعصوم، ومادام الاحتمال قائماً، وعلى الاصطلاح الذي جرى عليه أهل العلم في تعريف العلم، والظن، والشك، والوهم، لا نستطيع أن نقطع بما أخبر به زيد من الناس، ولو كان في أعلى درجات الثقة، ما حكم أهل العلم على مالك في أنه سمى ابن عثمان عمر، وعامة الأئمة على أنه عمرو، في أخطاء أخرى، وأوهام ثانية، ثم بعد ذلك نافع، ما رجح عليه رواية سالم في بعض الأحاديث، وأن سالم رفع الحديث، ونافع وقفه، والراجح قول سالم، أو العكس؟ وهؤلاء من أعلى درجات القبول، ابن عمر ما قال: اعتمر النبي -عليه الصلاة والسلام- في رجب، وردت عليه عائشة في البخاري؟ نقول: هذا احتمال، الأصل أن الراوي ثقة، عدل، ضابط، في أعلى درجات القبول، لكن ليس بمعصوم من الخطأ، والإمام أحمد يقول:"من يعرو من الخطأ والنسيان؟ ".
أقول: هذا الاحتمال، وإن كان ضعيفاً؛ في جانب ما يرويه الأئمة الحفاظ هذا ضعيف، لكن مع وجود هذا الاحتمال نستطيع أن نقول: إن مفاد خبر مالك مائة بالمائة، أو ننزله ولو درجة واحدة إلى تسعة وتسعين؟ ومادام هذا الاحتمال قائماً نقول: ينزل حديث مالك من مائة بالمائة إلى تسعة وتسعين، ثمانية وتسعين، سبعة وتسعين، بعض الرواة الثقات إلى تسعين، وبعضهم يكثر عنده المخالفات، ولا ينزله أهل العلم من درجة الثقة؛ يصل إلى تسعين، خمسة وثمانين؛ لأنهم عندهم اختبار ضبط الراوي بمقارنة ما يرويه مع ما يرويه الثقات، فإن كثرت مخالفته للثقات نزل:
ومن يوافق غالباً ذا الضبط ... فضابط أو نادراً فمخطي