وحكى عن ابن سيرين أنه كان لا يرى بأساً من الجمع بين الصلاتين إذا كانت حاجة أو شيء ما لم يتخذه عادة، وهذا هو الصحيح الذي يؤخذ من الأحاديث، وأما التأويل بالمرض أو العذر أو غيره فإنه تكلف لا دليل عليه، وفي الأخذ بهذا رفع كثير من الحرج عن أناس قد تضطرهم أعمالهم أو ظروف قاهرة للجمع بين الصلاتين، ويتأثمون من ذلك ويتحرجون، ففي هذا ترفيه لهم، وإعانة لهم على الطاعة، ما لم يتخذ عادة كما قال ابن سيرين.
وعلى كل حال على الإنسان أن يهتم بدينه، وأن يحتاط لصلاته، وأن يراقب الله -جل وعلا- فيها، وأن لا يخرجها عن وقتها، وأن لا يفعلها قبل وقتها إلا لحرج متحقق، بعض الناس إذا كان بيده أدنى عمل يمكن تأجيله قال: الدين يسر، وأراد أن لا يحرج أمته، وجمع بالمدينة من غير كذا وكذا، ويتعذر بمثل هذه الأعذار، بل وجد من يبرر الجمع بين الصلاتين وتأخير الصلاة الأولى إلى وقت الثانية لأن المحاضرة امتدت في الجامعة إلى وقت الثانية، والطالب لا يستطيع الحضور، والمعلم يتذرع بمثل هذه الأعذار، وهي في الحقيقة ليست بأعذار، هذه ليست بأعذار، ما المانع أن تقطع المحاضرة من بداية الأذان إلى أداء الصلاة؟ والعلم لا خير فيه إذا لم يكن عوناً على الدين، العلم لا خير فيه وليس بعلم إذا صد عن الدين، والله المستعان.
يقول: عندي زكاة أريد أن أجعلها في الأقارب.
يا إخوان درس الغد -إن شاء الله تعالى- الآن وقفنا على كتاب الأذان، باب: ما جاء في بدء الأذان، وذكرنا بالأمس أننا لا نستطيع أن نأخذ منه شيء، يعني يمكن فصله عن بقية الكتاب، أبواب الأذان طويلة، وفيها خمسة وعشرون حديثاً، فنأخذها متتابعة، ويكون درس الغد خاص بتنقيح الأنظار.
هذا يقول: عندي زكاة أريد أن أجعلها في الأقارب، لكن في البيت من تجب له النفقة كالوالدين والأخوات، ومن لا تجب له كالأخ وأولاده فكيف أفعل؟
ادفعها لأخيك وأولاده ما دامت لا تجب عليك نفقته، وإذا أكل منها الوالد أو الوالدة أو من لا تصح ولا تجوز له الزكاة فإنها لأخيك صدقة، ولبقيتهم هدية، كما تصدق على بريرة فأكل منها النبي -عليه الصلاة والسلام- وهي لا تحل له الصدقة، فقال:((هي لها صدقة ولنا هدية)) والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.