"قال أبو عيسى: وفي الباب عن عائشة" عند مسلم والنسائي وأبي داود "وأنس" عند مسلم وأبي داود، وفيه أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم أخرجوها من البيت فلم يواكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوا في البيت، يعني يجتمعون معها فضلاً عن كونهم يطئونها، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((اصنعوا كل شيء إلا النكاح)) فلما سمع اليهود ذلك قالوا: ما أراد هذا الرجل إلا مخالفتنا، ومخالفتهم مطلوبة، كان النبي -عليه الصلاة والسلام- في أول الأمر يحب موافقتهم تأليفاً لهم، ثم لما أيس منهم أمر بمخالفتهم وخالفهم كفرق الشعر وغيره "وهو قول عامة أهل العلم لم يروا بمواكلة الحائض بأساً" بل هذا مما أجمع عليه الناس قاله ابن سيد الناس في شرح الترمذي، ونقله أيضاً –الاتفاق- الطبري، وأما قوله:{فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ} [(٢٢٢) سورة البقرة] أي مكان الحيض وهو الفرج فقط "واختلفوا في فضل وضوئها" الذي يبقى من الماء الذي تتوضأ به "فرخص في ذلك بعضهم -بلا كراهة-، وكره بعضهم فضل طهورها" والمرجح هو الأول؛ لأنه لا دليل على الثاني، وتقدم في النهي عن الوضوء بفضل المرأة أن تتوضأ المرأة بفضل الرجل أو الرجل بفضل المرأة، وأن من أهل العلم من يرى أن المرأة إذا خلت بالماء تطهرت به طاهرة كاملة عن حدث وقد خلت به فإنه لا يرفع حدث الرجل، ومنهم من خص المرأة بالحائض، وهو الذي أشير إليه هنا، وكره بعضهم فضل طهروها، نعم.
عفا الله عنك.
قال -رحمه الله تعالى-:
[باب: ما جاء في الحائض تتناول الشيء من المسجد:]
حدثنا قتيبة قال: حدثنا عبيدة بن حميد عن الأعمش عن ثابت بن عبيد عن القاسم بن محمد قال: قالت لي عائشة -رضي الله عنها-: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ناوليني الخمرة من المسجد)) قالت: قلت: إني حائض، قال:((إن حيضتك ليست في يدك)).
قال: وفي الباب عن ابن عمر وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح، وهو قول عامة أهل العلم لا نعلم بينهم اختلافاً في ذلك بأن لا بأس أن تتناول الحائض شيئاً من المسجد.