ومن شرط الحكم بالإدراج أن يرد ولو في رواية ما يبين أنه مدرج، يعني لو أنه جاء في رواية عن عبد الله بن زيدٍ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر، قال مالك: بدأ بمقدم رأسه إلى أخره، حكمنا عليه بأنه مدرج؛ لأن هذه الرواية بينت، لكن لم يرد في رواية من الروايات إضافته إلى مالك، فدل على أنه من أصل الحديث كما قرر ذلك ابن حجر.
"قال أبو عيسى: وفي الباب عن معاوية" وهو مخرج عند أبي داود، حينما حكا وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- "والمقدام بن معد كرب" وهو عند أبي داود أيضاً "وعائشة" عند النسائي.
"قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن زيد أصح شيء في هذا الباب وأحسن" وهو مخرج عند بقية الجماعة في الصحيحين وبقية السنن، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق، قال ابن عبد البر: المشهور المتداول الذي عليه الجمهور البداءة من مقدم الرأس إلى مؤخره، يعني وإن كانت جملة:"فأقبل بهما وأدبر" تحتمل هذا، تحتمل العكس، بل هو الظاهر منها لو جاء بحرف العطف الذي يقتضي الترتيب لتعين حمله على هذا "فأقبل بهما ثم أدبر"، أو "فأقبل بهما فأدبر" تعين حمله على أنه بدأ بالمؤخرة، لكن لما جاء بالواو التي لا تقتضي الترتيب، وجاء بيانه بنصوص صحيحة صريحة، لا محيد عن القول به، نعم.
عفا الله عنك
[باب: ما جاء أنه يبدأ بمؤخر الرأس:]
حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا بشر بن المفضل عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ بن عفراء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مسح برأسه مرتين، بدأ بمؤخر رأسه، ثم بمقدمه، وبأذنيه كلتيهما ظهورهما وبطونهما".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، وحديث عبد الله بن زيد أصح من هذا وأجود إسناداً، وقد ذهب بعض أهل الكوفة إلى هذا الحديث، منهم وكيع بن الجراح.