في حديث عبد الله بن زيد -حديث الباب- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مسح بيده فأقبل بهما وأدبر)) إلى هنا متفق على كونه مرفوع، وقوله: بدأ بمقدم رأسه هل هو من كلام عبد الله بن زيد يحكي ما فعله -صلى الله عليه وسلم- أو مدرج من كلام مالك يفسر به ما نقله عبد الله بن زيد عن النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ يقول ابن حجر: الظاهر أنه من أصل الحديث، وليس مدرج من كلام مالك، الظاهر أنه من أصل الحديث، إذاً هو قد يرد في بعض الروايات أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر، دون التوضيح الذي يليه، ويرد كاملاً كما هنا، فهل نقول: إن من رواه ناقصاً اقتصر على الأصل، ومن رواه كاملاً روى الأصل وروى البيان والتفسير المدرج من كلام مالك؟ أو نقول: إن الراوي مرة يرويه ناقصاً ومرة يرويه كاملاً ولا مانع من أن ينشط الراوي ويسوق الخبر بكماله، وأحياناً يقتصر على بعضه؟ والاقتصار اقتصار الحديث واختصاره يجوز عند أهل العلم بشرطه، إذا كان المذكور لا يتوقف فهمه على المحذوف، يعني اختصار الأحاديث جائز عند أهل العلم، شريطة ألا يتوقف فهم المذكور على ما حذف منه، يعني لو تقول مثلاً:((إنما الأعمال بالنيات)) وتسكت، يلام من يقول هذا الكلام؟ لأنه جملة كاملة مستقلة تستقل بمعناها، كما أنه لا يلام إذا قال:{إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [(٥٨) سورة النساء] أو نقول: لا بد أن يكمل الآية؟ ما يلزم، لكن إذا كان المحذوف لا بد منه لفهم المذكور فلا بد من ذكره، إذا كان وصف مؤثر في الحكم إذا كان استثناء لا بد من ذكره، يستطع أحد أن يقول:((فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم)) ويترك ((إذا كان يداً بيد))؟ لا؛ لأن هذا يترتب عليه خلل في الحكم، فلا بد من ذكره، وهنا لا يتأثر الحكم إنما هو مجرد بيان، فيرويه الراوي مرة ناقصاً ومرة كاملاً، ويكون حينئذٍ مقبولاً.