"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" وأخرجه أحمد والنسائي "وعليه العمل عند أهل العلم يختارون الاستنجاء بالماء" لأنه أنقى "وإن كان الاستنجاء بالحجارة يجزئ عندهم، فإنهم استحبوا الاستنجاء بالماء، ورأوه أفضل، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق" يقول العيني في شرح البخاري: مذهب جمهور السلف والخلف والذي أجمع عليه أهل الفتوى أن الأفضل أن يجمع بين الماء والحجر، فيقدم الحجر أولاً، ثم يستعمل الماء فتخف النجاسة بالاستنجاء بالحجر، وتقل مباشرة اليد بها، ولكونه أبلغ في النظافة، فإذا أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل، لكونه يزيل عين النجاسة وأثرها، والحجر يزيل العين دون الأثر، وعرفنا أن القدر المجزئ في الاستنجاء أو في الاستجمار بالحجارة يعني ألا يبقى إلا أثر لا يزيله إلا الماء، وأما ضابط الإزالة بالماء فعود خشونة المحل كما يقول أهل العلم، والحجر يزيل العين دون الأثر لكنه متفق عليه، وتصح الصلاة معه، وجاء عن حذيفة أنه سئل عن الاستنجاء بالماء فقال: إذاً لا يزال في يدي نتن، يعني رائحة، وعن ابن عمر أنه كان لا يستنجي بالماء، وعن ابن حبيب من المالكية أنه منع الاستنجاء بالماء لأنه مطعوم، وما دام ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا كلام لأحد كائناً من كان، ثم حصل الإجماع عليه، نعم.
عفا الله عنك.
[باب: ما جاء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أراد الحاجة أبعد في المذهب:]
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن المغيرة بن شعبة قال: "كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- حاجته فأبعد في المذهب"
قال: وفي الباب عن عبد الرحمن بن أبي قراد وأبي قتادة وجابر ويحيى بن عبيد عن أبيه وأبي موسى وابن عباس وبلال بن الحارث.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، ويروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يرتاد لبوله مكاناً كما يرتاد منزلاً، وأبو سلمة اسمه: عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.