للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التاسع: أن ترك المحبوب لا يكون قربة ما لم يقارنه فعلُ المأمور، فلو ترك العبد كل محظور لم يثبه اللَّه عليه حتى يقارنه مأمور الإيمان، وكذلك المؤمن لا يكون تركه للمحظور قربة حتى يقارنه مأمور النية بحيث يكون تركه للَّه. فافتقر ترك المنهيات في كونه قربة يثاب عليها إلى فعل المأمور ولا يفتقر فعل المأمور في كونه قربة وطاعة إلى ترك المحظور، ولو افتقر إليه لم يقبل اللَّه طاعة من عصاه أبدًا، وهذا من أبطل الباطل.

العاشر: أن المنهيَّ مطلوبٌ إعدامُه، والمأمور مطلوب إيجاده، والمراد: إيجاد هذا وإعدام هذا، فإذا قدِّر عدم الأمرين أو وجودهما كان وجودهما خيرًا من عدمهما، فإنه إذا عُدم المأمور لم ينفع عدم المحظور، وإذا وُجد المأمور فقد يُستعان به على دفع المحظور أو على دفع أثره، فوجود القوة والمرض خير من عدم الحياة والمرض.

الحادي عشر: أن باب المأمور الحسنة فيه بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة (١)، وباب المحظور السيئة فيه بمثلها (٢)، وهي بصدد الزوال بالتوبة والاستغفار والحسنة الماحية والمصيبة المكفرة واستغفار الملائكة للمؤمنين واستغفار بعضهم لبعض وغير ذلك، وهذا يدل على أنه أحب إلى اللَّه من عدم المنهيِّ.

الثاني عشر: أن باب المنهيات يمحوه اللَّه سبحانه ويبطل أثره بأمور عديدة من فعل العبد وغيره، فإنه يُبطله بالتوبة النصوح، وبالاستغفار،


(١) قال اللَّه تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦١)﴾ [البقرة: ٢٦١].
(٢) قال تعالى: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى: ٤٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>