للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالحسنات الماحية، وبالمصائب المكفرة، وباستغفار الملائكة، وبدعاء المؤمنين -فهذه ستة في حال حياته- وبتشديد الموت وكربه وسياقه عليه -فهذا عند مفارقته الدنيا- وبهول المطلع، وروعة الملكين في القبر، وضغطته، وعصرته، وبشدة الموقف وعنائه وصعوبته، وبشفاعة الشافعين فيه، وبرحمة أرحم الراحمين له، فإن عجزت عنه هذه الأمور فلا بد له من دخول النار، ويكون لبثُه فيها على قدر بقاء خبثه ودرنه، فإن اللَّه حرَّم الجنة إلا على طيِّب، فما دام درنُه ووسخُه وخبثُه فيه فهو في غير التطهير حتى يتصفّى من ذلك الوسخ والخبَث.

وأما باب المأمورات فلا يبطله إلا الشرك.

الثالث عشر: أن جزاء المأمورات الثواب، وهو من باب الإحسان والفضل والرحمة، وجزاء المنهيات العقوبة، وهي من باب الغضب والعدل، ورحمته سبحانه تغلِب غضبَه، فما تعلق بالرحمة والفضل أحب إليه مما تعلق بالغضب والعدل، وتعطيل ما تعلق بالرحمة أكره إليه من فعل ما تعلق بالغضب.

الرابع عشر: أن باب المنهيات تُسقط الآلافَ المؤلفة منه الواحدةُ من المأمورات، وباب المأمورات لا يُسقط الواحدةَ منه الآلافُ المؤلفة من المنهيات (١).

الخامس عشر: أن متعلَّق المأمور الفعل وهو صفة كمال، بل كمال المخلوق من فعاله، فإنه فَعَل، فكَمُل.

ومتعلق النهي الترك، والترك عدم، ومن حيث هو كذلك لا يكون


(١) انظر الوجه الثاني عشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>