للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحلم الراحة، وقصر الصبر الظفر" (١).

قصر الشيء وقصاراه: غايته وثمرته.

وقدم عروة بن الزبير على الوليد بن عبد الملك ومعه ابنه محمد، وكان من أحسن الناس وجهًا، فدخل يومًا على الوليد في ثياب وشي (٢) وله غديرتان (٣) وهو يضرب بيده، فقال الوليد: هكذا تكون فتيان قريش. فعانه (٤)، فخرج من عنده متوسنًا (٥)، فوقع في إصطبل الدواب، فلم تزل الدوابُّ تطؤه بأرجلها حتى مات.

ثم إن الأكلة وقعت في رجل عروة، فبعث إليه الوليدُ الأطباءَ فقالوا له: إن لم تقطعها سَرَت إلى باقي الجسد فتهلك، فعزم على قطعها، فنشروها بالمنشار، فلما صار المنشار إلى القصبة (٦) وضع رأسه على الوسادة فغشي عليه ثم أفاق والعرق يتحدر على وجهه وهو يهلل ويكبر، فأخذها بيده وجعل يقلبها في يده (٧) ثم قال: أما والذي حملني عليك إنه ليعلم أني ما مشيت بها إلى حرام ولا إلى معصية ولا إلى ما لا يرضي اللَّه.

ثم أمر بها فغُسلت وطيِّبت وكُفِّنت في قُبطية (٨)، ثم بَعث بها إلى مقابر


(١) أخرجه عنه ابن أبي الدنيا في كتاب "الحلم" رقم (٧٢).
(٢) الوشْيُ نقش الثوب. "القاموس المحيط" (٤/ ٤٠٠).
(٣) أي ذؤابتان. انظر: "القاموس المحيط" (٢/ ١٠٠).
(٤) أي أصابه بالعين.
(٥) الوَسَن: النعاس. انظر: "القاموس المحيط" (٤/ ٢٧٥).
(٦) القصبة أي: العظم انظر: "القاموس المحيط" (١/ ١١٧).
(٧) ساقطة من الأصل، واستدركتها من النسخ الثلاث الأخرى.
(٨) القُبطية: ثياب كتان بيضٍ رقاقٍ تُعمل بمصر وهي منسوبة إلى القبط على غير قياس. "لسان العرب" (٧/ ٣٧٣).
وفي النسخ الثلاث الأخرى: "قطيفة"، والقطيفة ثوب له خَمْلٌ. =

<<  <  ج: ص:  >  >>