للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين.

فلما قدم من عند الوليد المدينة تلقاه أهل بيته وأصدقاؤه يعزونه، فجعل يقول: قد لقينا من سفرنا هذا نصبًا، ولم يزد عليه. ثم قال: لا أدخل المدينة، إنما أنا بين شامت بنكبة أو حاسد لنعمة، فمضى إلى قصره بالعقيق فأقام هناك. فلما دخل قصره قال له عيسي بن طلحة: لا أبا لشانيك (١)، أرنا (٢) هذه المصيبة التي نعزيك عنها (٣)، فكشف له عن ركبته، فقال له عيسي: أما واللَّه ما كنا نعدّك للصراع، قد أبقى اللَّه أكثرك: عقلك ولسانك وسمعك وبصرك ويديك وإحدى رجليك. فقال له: يا عيسي، ما عزّاني أحد بمثل ما عزيتني.

ولما أرادوا قطع رجله قالوا له: لو سقيناك شيئًا كي لا تشعر بالوجع. فقال: إنما ابتلاني ليري صبري أفأعارض أمره؟!

وسُئل ابنه هشام: كيف كان أبوك يصنع برجله التي قطعت إذا توضأ؟ قال: كان يمسح عليها (٤).

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد حدثنا سلام قال: سمعت قتادة يقول: "قال لقمان وسأله رجل: أي شيء خير؟ قال: صبر لا يتبعه


= انظر "لسان العرب" (٩/ ٢٨٦).
(١) أي لمبغضك. انظر "لسان العرب" (١/ ١٠١، ١٠٢).
(٢) في النسخ الثلاث الأخرى: "أرني".
(٣) هكذا في الأصل و (م)، وفي (ن) و (ب): "عليها".
(٤) هذه قصة مشهورة عنه، انظر في ذلك: "المرض والكفارات" لابن أبي الدنيا رقم (١٣٥ - ١٤٥)، و"تاريخ أبي زرعة الدمشقي": ١/ ٥٥٢، و"المعرفة والتاريخ": ١/ ٣٥٥، و"حلية الأولياء" (٢/ ١٧٨) وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>