للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو كان الخطاب مختصًّا بالكفار لبيّن لهم ذلك وقال: ما لكم ولها إنما هي للكفار.

فالصحابة فهموا التعميم، والأحاديث صريحة في التعميم، والذي أُنزل عليه القرآن أقرّهم على فهم العموم.

وأما حديث أبي بكر الذي احتج به أرباب هذا القول فحديث لا يصح.

والحديث الصحيح في تلك القصة يشهد ببطلانه ونحن نسوقه بلفظه، ففي "صحيح مسلم" عن أبي هريرة قال: خرج رسول اللَّه ذات يوم أو ليلة فإذا هو بأبي بكر وعمر فقال: "ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟ " قالا: الجوع يا رسول اللَّه، قال: "وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما، قُومًا" فقاما معه فأتى رجلًا من الأنصار، فإذا هو ليس في بيته، فلما رأته امرأته قالت: مرحبًا وأهلًا. فقال لها رسول اللَّه : "وأين فلان؟ " قالت: ذهب يستعذب لنا من الماء، إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول اللَّه وصاحبيه ثم قال: الحمد للَّه، ما أحد اليوم أكرم أضيافًا مني قال: فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب، فقال: كلوا من هذا، وأخذ المُدية (١)، فقال له رسول اللَّه : "إياك والحلوب"، فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا، فلما أن شبعوا ورووا، قال رسول اللَّه لأبي بكر وعمر: "والذي نفسي بيده لَتُسْألُنّ عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوعُ، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم" (٢).


(١) المُدية: السكين والشفرة. انظر: "النهاية" لابن الأثير (٤/ ٣١٠).
(٢) "صحيح مسلم" رقم (٢٠٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>