للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا الحديث الصحيح صريح في تعميم الخطاب وأنه غير مختص بالكفار.

وأيضًا، فالواقع يشهد بعدم اختصاصه، وأن الإلهاء بالتكاثر واقع من المسلمين كثيرًا، بل أكثرهم قد ألهاه التكاثر (١).

وخطاب القرآن عام لمن بلغه، وإن كان أول من دخل فيه المعاصرون لرسول اللَّه ، فهو متناول لمن بعدهم، وهذا معلوم بضرورة الدين وإن نازع فيه من لا يُعتد بقوله من المتأخرين، فنحن اليوم ومن قبلنا ومن بعدنا داخلون تحت قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة: ١٨٣] ونظائره، كما دخل تحته الصحابة بالضرورة المعلومة من الدين.

فقوله: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١)[التكاثر: ١] خطاب لكل من اتصف بهذا الوصف، وهم في الإلهاء والتكاثر درجات لا يحصيها إلا اللَّه.

فإن قيل: فالمؤمنون لم يلههم التكاثر ولهذا لم يدخلوا في الوعيد المذكور لمن ألهاه.

قيل: هذا هو الذي أوجب لأرباب هذا القول تخصيصه بالكفار؛ لأنه لم يمكنهم حمله على العموم، ورأوا أن الكفار أحق بالوعيد فخصّوه بهم (٢).

وجواب هذا: أن الخطاب للإنسان من حيث هو إنسان على طريقة القرآن في تناول الذم له من حيث هو إنسان كقوله: ﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ


(١) رحم اللَّه الإمام ابن القيم، كيف لو رأى حالنا في هذا العصر؟!
(٢) في الأصل: "به"، والمثبت من: (ن).

<<  <  ج: ص:  >  >>