للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَجُولًا﴾ [الإسراء: ١١]، ﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا﴾ [الإسراء: ١٠٠]. ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦)[العاديات: ٦]. ﴿وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ [الأحزاب: ٧٢]. ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ﴾ [الحج: ٦٦]. ونظائره كثيرة.

فالإنسان من حيث هو عار عن كل خير من العلم النافع والعمل الصالح، وإنما اللَّه سبحانه هو الذي يكمله بذلك ويعطيه إياه وليس له ذلك من نفسه، بل ليس له من نفسه إلا الجهل المضاد للعلم، والظلم المضاد للعدل، وكل علمٍ وعدلٍ وخيرٍ فيه فمن ربه لا من نفسه.

فإلهاء التكاثر طبيعة العبد وسجيّته التي هي له من نفسه، ولا خروجَ له عن ذلك إلا بتزكية اللَّه له وجعله مريدًا للآخرة مُوثرًا لها على التكاثر بالدنيا، فإن أعطاه ذلك وإلا فهو مُلتَهٍ بالتكاثر في الدنيا ولا بدّ.

وأما احتجاجه بالوعيد على اختصاص الخطاب بالكفار فيُقال: الوعيد المذكور مشترك، وهو العلم عند معاينة الآخرة، وهذا أمر يحصل لكل أحد لم يكن حاصلًا له في الدنيا.

وليس في قوله: ﴿سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣)[التكاثر: ٣] ما يقتضي دخول النار فضلًا عن التخليد فيها.

وكذلك رؤية الجحيم لا يستلزم دخولها لكل من رآها، فإن أهل الموقف يرونها ويشاهدونها عيانًا، وقد أقسم الرب أنه لا بد أن يَرِدَها الخلق كلهم مؤمنهم وكافرهم، برهم وفاجرهم، فليس في جملة من جمل هذه السورة ما ينفي عموم خطابها.

وأما ما ذُكر (١) عن الحسن أنه لا يسأل عن النعيم إلا أهل النار،


(١) في النسخ الأخرى: "ذكره".

<<  <  ج: ص:  >  >>