للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فباطل قطعًا، إما عليه وإما منه، والأحاديث الصحيحة الصريحة ترده، وباللَّه التوفيق.

ولا يخفى أن مثل هذه السورة مع عظم شأنها وشدة تخويفها وما تضمنته من تحذير التكاثر الملهي، وانطباق معناها على أكثر الخلق، يأبى اختصاصها من أولها إلى آخرها بالكفار ولا يليق ذلك بها، ويكفي في رد ذلك تأمل الأحاديث المرفوعة فيها، واللَّه أعلم.

وتأمل ما في هذا العتاب الموجع لمن استمر على إلهاء التكاثر له مدة حياته كلها إلى أن رأى (١) القبور ولم يستيقظ من نوم الإلهاء، بل أرقد التكاثرُ قلبَه فلم يستفق منه إلا وهو في عسكر الأموات.

وطابق بين هذا وبين حال أكثر الخلق يتبين لك أن العموم مقصود. وتأمل تعليقه سبحانه الذم والوعيد على مطلق التكاثر من غير تقييد بمتكاثرٍ به معيّن؛ ليدخل فيه التكاثر بجميع أسباب الدنيا على اختلاف أجناسها وأنواعها.

وأيضًا فإن التكاثر تفاعل وهو طلب كلّ من المتكاثرين أن يكثر صاحبه، فيكون أكثر منه فيما يكاثره به، والحامل له على ذلك توهمه أن العزة للمكاثر كما قيل:

ولست بالأكثرِ منهم حَصًى … وإنما العِزّة للكاثر (٢)

فلو حصلت له الكثرة من غير تكاثر لم تضره، كما كانت الكثرة


(١) في النسخ الأخرى: "زار".
(٢) البيت للأعشى في ديوانه (٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>