للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثواب الواجد.

قالوا: وكيف يستوي عند اللَّه ذلّة الفقر، وكسرته، وخضوعه، وتجرع مرارته، وتحمُّل أعبائه ومشاقّه؟ وعزّة الغنى، ولذّته، وصولته، والتمتعّ بلذّاته، ومباشرة حلاواته؟ فبعين اللَّه ما يتحمّل الفقراء من مرارات فقرهم وصبرهم ورضائهم به عن ربهم .

وأين أجر (١) مشقة المجاهدين إلى أجر عبادة القاعدين في الأمن، والدّعة، والراحة؟!

قالوا: وكيف يستوي أمران: أحدهما: حفّت به الجنة، والثاني: حفّت به النار (٢)؟ فإن أصل الشهوات من قبل المال، وأصل المكاره من قبل الفقر.

قالوا: والفقير لا ينفك في خصاصة من مضض الفقر والجوع والعُرْي والحاجة وآلام الفقر، وكلّ واحد منها يكفر ما يقاومه من السيئات، وذلك زيادة على أجره بأعمال البرّ.

فقد شارك الأغنياء في أعمال البرّ، وامتاز عنهم بما يكفر سيئاته، وما امتازوا به عليه من الإنفاق والصدقة والنفع المتعدي فله سبيل إلى لحاقهم فيه، ونيله مثل أجورهم، وهو أن يعلم اللَّه من نيّته أنه لو أوتي مثل


(١) ساقطة من الأصل، واستدركتها من النسخ الأخرى.
(٢) يشير إلى حديث أنس بن مالك قال: قال رسول : "حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات". رواه مسلم في "صحيحه" (٢٨٢٢).
ورواه البخاري في "صحيحه" رقم (٦٤٨٧)، ومسلم في "صحيحه" (٢٨٢٣) من حديث أبي هريرة بلفظ: "حجبت النار بالشهوات، وحُجبت الجنة بالمكاره".

<<  <  ج: ص:  >  >>