للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أوتوه لفعل كما يفعلون، فيقول: لو أن لي مالًا لعملت بأعمالهم فهو بنيته وأجرهما سواء، كما أخبر به الصادق المصدوق فى الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد والترمذي من حديث أبي كبشة الأنماري (١).

قالوا: والفقير في الدنيا بمنزلة المسجون، إذ هو ممنوع عن الوصول إلى شهواتها وملاذّها، والغني متخلّص من هذا السجن، وقد قال النبي : "الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر" (٢)، فالغني إن لم يسجن نفسه عن دواعي الغنى وطغيانه وأرسلها في ميادين شهواتها كانت الدنيا جنّة له، فإنما ينال الفضل بتشبّهه بالفقير الذي هو في سجن فقره.

قالوا: وقد ذمّ اللَّه ورسوله من عجلت له طيباته في الحياة الدنيا، وإنه لحريٌّ أن يكون عوضًا عن طيبات الآخرة أو منقصة لها ولا بدّ كما تقدّم بيانه (٣)، بخلاف من استكمل طيباته في الآخرة لما منع منها في الدنيا، وأتي رسول اللَّه بسويق لوز، فأبى أن يشربه، وقال: "هذا شراب المترفين" (٤).

قالوا: وقد سُئل الحسن البصري فقيل له: رجلان أحدهما تارك


(١) "المسند" (٤/ ٢٣٠)، و"جامع الترمذي" (٢٣٢٥). وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
ورواه ابن ماجه في "سننه" رقم (٤٢٢٨). وسيذكر المصنف لفظه قريبًا.
(٢) رواه مسلم في "صحيحه" رقم (٢٩٥٦) من حديث أبي هريرة .
(٣) سبق ذلك ص (٤٠٤) وما بعدها.
(٤) رواه نعيم بن حماد في "زوائد الزهد" لابن المبارك رقم (٢٠٠)، وأحمد في "الزهد" رقم (٢٣)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (١/ ٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>