للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد شهد رسول اللَّه بأن اليد العليا خير من اليد السفلى، وفسر اليد العليا بالمعطية، والسفلى بالسائلة (١).

وقد عدّد اللَّه سبحانه على رسوله من نعمه أن أغناه بعد فقره (٢)، وكان غناه هو الحالة التي نقله إليها، وفقره الحالة التي نقله منها، وهو سبحانه كان ينقله من الشيء إلى ما هو خير منه.

وقد قيل في قوله تعالى: ﴿وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (٤)[الضحى: ٤]: إن المراد به الحالتان، أي: كل حالة لك خير مما قبلها، ولهذا عقّبه بقوله: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (٥)[الضحى: ٥]، فهذا يدخل فيه عطاؤه في الدنيا والآخرة.

قالوا: والغنى مع الشكر زيادة فضل ورحمة: ﴿وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (١٠٥)[البقرة: ١٠٥].

قالوا: والأغنياء الشاكرون سبب لطاعة الفقراء الصّابرين، لتقويتهم إياهم بالصدقة عليهم، والإحسان إليهم، وإعانتهم على طاعتهم، فلهم نصيب وافر من أجور الفقراء، زيادة إلى نصيبهم من أجر الإنفاق وطاعاتهم التي تخصهم، كما في "صحيح ابن خزيمة" من رواية سلمان الفارسي عن النبي وذكر شهر رمضان، فقال: "من فطّر فيه صائمًا كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن


(١) روى البخاري في "صحيحه" رقم (١٤٢٩)، ومسلم في "صحيحه" رقم (١٠٣٣) عن عبد اللَّه بن عمر أن رسول اللَّه قال: "اليد العليا خير من اليد السفلى، واليد العليا المنفقة، والسفلى السائلة".
(٢) قال تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (٨)﴾ [الضحى: ٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>